معهد الشرق الأوسط لدراسات الإعلام والسياسة

قلق متزايد.. هل بدأت ألمانيا تصد طالبي اللجوء على الحدود؟

0 126

يواجه عدد كبير من طالبي الحماية من بلدان اللجوء الرئيسية رفض طلباتهم على حدود ألمانيا. وتقول جماعات حقوقية إن هذه “مؤشرات تدل على أن الشرطة الاتحادية ترفض بشكل غير قانوني الأشخاص الذين يلتمسون الحماية”.

في العام الماضي، وثقت إحصاءات الحكومة الألمانية الرسمية 14.675 حالة رفض وإعادة من على الحدود الألمانية النمساوية. ومن هذا العدد، كان حوالي 9.980 شخصا ينحدرون من أكثر 15 دولة يطلب مواطنوها اللجوء مثل سوريا وأفغانستان. فيما بلغ عدد محاولات الدخول غير المصرح بها المسجلة 22.824 في المجموع. ومن بين هؤلاء كان 16.277 من بلدان اللجوء الرئيسية.

أما على الحدود الألمانية السويسرية فقد تم رفض 3.644 حالة (2.914 منهم من بلدان اللجوء الرئيسية). وبلغ عدد حالات الدخول غير المصرح بها 10.472 حالة، منها 7.651 شخصا قدموا من بلدان اللجوء الرئيسية بينها سوريا وأفغانستان. كما تم تسجيل عدد أقل من حالات الدخول غير المصرح بها على الحدود البولندية الألمانية العام الماضي بنحو 15.198 حالة في المجموع بينها 10.359 من بلدان اللجوء الرئيسية – وعدد أقل نسبيا من حالات الرفض (55 في المجموع، و27 من دول اللجوء الرئيسية).

وبالنظر إلى هذه الأرقام تقول  جماعات حقوق اللاجئين  إن هذه الأرقام تسلط الضوء على التفاوت الكبير بشكل خاص بين أولئك الذين تم رفضهم على الحدود الألمانية النمساوية وأولئك الذين تم قبول طلبات لجوئهم في نوفمبر/ تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول 2022.

وقال المجلس البافاري للاجئين، ومنظمة Pushback Alarm Austria النمساوية وشبكة مراقبة العنف على الحدود إنه في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي وصل حوالي 3077 شخصا إلى الحدود الألمانية والنمساوية، لكن تم تقديم 20 طلب لجوء فقط، والشهر التالي أيضا كان مماثلا، حيث وصل حوالي 2107 أشخاص، ولكن لم يتم تقديم سوى 12 طلب لجوء.

هذا الامر دفع جماعات حقوق اللاجئين لقرع ناقوس الخطر، إذ حذرت هذه المنظمات من اتجاه ينذر بالخطر، فـ 0,6 بالمائة فقط من الأشخاص الذين دخلوا ألمانيا عبر الحدود النمساوية تمكنوا من التقدم بطلب للجوء خلال هذه الفترة.

“كيف يمكن أن يتمكن آلاف الأشخاص من بلدان الهجرة الرئيسية من الوصول إلى الحدود الألمانية ثم يتم إعادتهم دون تكنهم من تقديم طلب لجوء كما يًزعم؟” تتساءل كاترينا غروت من مجلس اللاجئين البافاري في بيان مشترك نشرته مع المنظمات غير الحكومية الشريكة في 30 مايو/ أيار. وأضافت غروت: “أيضا بسبب العدد الكبير من عمليات الإجلاء التي تقوم بها الشرطة والعدد الضئيل من طلبات اللجوء المقبولة، فعلينا أن نفترض أن بعض حالات الرفض هي غير قانونية”.

وقالت المنظمات غير الحكومية الثلاث في بيانها المشترك: “إن مزاعم الصد على الحدود الألمانية النمساوية بحاجة ماسة إلى توضيح ويجب ضمان الحق في الوصول إلى إجراءات اللجوء للقادمين”.

شهادات الناجين من الحرب السورية

نشرت شبكة Border Violence Monitoring Network المهتمة باللاجئين  شهادات لستة سوريين يلتمسون الحماية على الحدود الألمانية من نوفمبر/ تشرين الثاني إلى ديسمبر/ كانون الأول 2022. تكشف إفادات هؤلاء أنه بعد توقيفهم في القطارات أو سيرا على الأقدام في المنطقة الحدودية، تم تفتيشهم ونقلهم إلى مراكز الشرطة.

وعلى الرغم من إفصاح الموقوفين عن نيتهم تقديم طلب لجوء بحضور مترجم فوري، فقد تم زعم أن طلباتهم قد تم تجاهلها. وبدون الشروع في إجراءات اللجوء المتعارف عليها تمت إعادتهم إلى النمسا في اليوم التالي.

وقالت منظمات غير حكومية إن هذه الحوادث تعزز مزاعم الترحيل والرفض غير القانونيين لطالبي اللجوء على الحدود الألمانية النمساوية.

إحدى الشهادات التي سجلتها شبكة مراقبة العنف الحدودي كانت شهادة أحمد، وهو شاب من سوريا قال إنه “ذهل” من معاملة حرس الحدود الألمان. وأضافت في شهادته “رفضت الخدمة العسكرية في ظل نظام الأسد وقمت برحلة خطرة إلى ألمانيا، لأن جميع أقاربي المقربين يقطنون هنا. لقد ذهلت عندما أخبرني المسؤولون في فرايلاسنيغ (بلدة ألمانية قريبة من الحدود النمساوية) أنه سيتم تغريمي إذا حاولت دخول ألمانيا مرة أخرى”.

وقالت بيترا ليشانز من منظمة Pushback Alarm Austria غير الحكومية في بيان “إذا ذهبت إلى أي من مرافق استقبال اللاجئين في النمسا في هذه الأوقات ستجد في كل مكان تقريبا ناجين من الحرب السورية، تمت إعادتهم من ألمانيا إلى النمسا في الأسابيع الأخيرة على الرغم من أنهم طلبوا  الحماية الدولية  في ألمانيا”.

عمليات الصد “غير القانونية”

تضمن المعاهدات الدولية مثل الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان واتفاقية جنيف للاجئين حماية طالبي اللجوء من الصد أو الرفض غير القانوني في المناطق الحدودية. وبمجرد أن يقدم الشخص طلب لجوء بعد دخول ألمانيا، لا يمكن إعادته إلى بلد مجاور دون إجراء رسمي ومراجعة ودراسة طلب لجوئه.

والشرطة التي تعمل كسلطات حدودية مكلفة بتوصيل الشخص الذي يطلب الحماية إلى المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين بامف (BAMF)، الذي سيحدد بعد ذلك ما إذا كانت ألمانيا أو دولة أخرى عضو في الاتحاد الأوروبي مسؤولة عن متابعة إجراءات اللجوء.

فقط الأشخاص الذين لا يقدمون طلب لجوء، يحق لألمانيا إبعادهم عن الحدود إذا كانوا لا يستوفون شروط الدخول، وبالتالي فدخولهم “غير مصرح به” وإعادتهم إلى البلد الذي أتوا منه.

ارتفاع عدد الوافدين مقابل انخفاض طلبات اللجوء

وترى جماعات حقوق اللاجئين  أن الأرقام التي تشيرعلى عدم رغبة آلاف الأشخاص القادمين من بلدان اللجوء في تقديم طلبات اللجوء بعد دخول ألمانيا تبدو غير واقعية على الإطلاق.

تعتقد منظمات حقوقية أن الكثير من حالة الرفض والإعادة على الحدود النمساوية الألمانية غير قانونية

“على الرغم من اللوائح الوطنية والدولية الواضحة التي تحظر ذلك، تم تسليم العابرين للحدود إلى الشرطة النمساوية بعد ساعات قليلة فقط من وصولهم إلى بافاريا ، أو تم التخلي عنهم ببساطة في الشارع في سالزبورغ. هذه ليست مسألة حالة معزولة ولكنها مسألة ممارسة منهجية هدفها عرقلة الوصول إلى إجراءات اللجوء في ألمانيا “، تقول ليشانز من المنظمة غير الحكومية Pushback Alarm Austria في بيان.

من جهته نفى ماتياس نوت، المتحدث باسم مقر الشرطة الاتحادية في ميونيخ، مزاعم الصد المنهجي من قبل الشرطة، قائلا إن كل حالة تعامل بشكل فردي، وتحتاج إلى فحص. ولا يمكن تعميم تصرفات الشرطة،.

وقال نوت في مقال لصحيفة فرانكفورتر روندشاو إنه ليس خطأ الشرطة “إذا لم يوضح الناس كتابيا أو شفهيا أو بأي طريقة أخرى أنهم يريدون اللجوء”.

الرفض على الحدود في عام 2023

ووفقا لوثيقة حكومية حديثة ردا على استفسار برلماني أجرته المتحدثة باسم سياسة اللاجئين  في حزب اليسار، كلارا بونغر، تم تسجيل 3.063 حالة دخول غير مصرح بها على الحدود السويسرية الألمانية خلال الربع الأول من هذا العام. فيما تم رفض ثلاث من أصل أربع حالات.

كما أشارت الوثيقة، التي اطلعت عليها وكالة الأنباء الألمانية، إلى أن حوالي 62 بالمائة من 3674 حالة دخول غير مصرح بها مسجلة على الحدود الألمانية النمساوية في الربع الأول من هذا العام تم رفضها. على الحدود البولندية، كان هناك رفض، على الرغم من أن معظم عمليات الدخول غير المصرح بها يتم تسجيلها حاليا على هذه الحدود الألمانية.

وفي أواخر العام الماضي، اتفقت ألمانيا وسويسرا على نشر دوريات شرطة مشتركة في القطارات المتجهة من سويسرا إلى ألمانيا. وجاءت هذه الخطوة ردا على تقارير إعلامية تفيد بأن السلطات السويسرية سمحت للمهاجرين بالسفر من النمسا عبر سويسرا إلى بازل، حيث يمكنهم السفر إلى ألمانيا أو فرنسا.

وقالت بونغر: “هناك أدلة واضحة على أن الشرطة الاتحادية ترفض بشكل غير قانوني أولئك الذين يطلبون الحماية، خاصة على الحدود مع النمسا”، مطالبة وزارة الداخلية الاتحادية بإجراء تحقيق.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.