معهد الشرق الأوسط
أصدرت جمعية معهد تضامن النساء الاردني – “تضامن” دراسة بحثية بعنوان “دراسة تقييمية لاحتياجات السوق المحلي من الوظائف المقبولة اجتماعياً” لدى النساء في المجتمعات المستهدفة، وذلك ضمن أنشطة الحماية والتنمية الاقتصادية للاجئات السوريات والنساء الأردنيات/سنابل 2 الذي تنفذه تضامن بدعم مادي من البرنامج الاقليمي للتنمية والحماية (RDPP II). يهدف المشروع بشكل رئيسي إلى تمكين النساء والفتيات قانونياً واقتصادياً من أجل العيش بكرامة والتمتع بالحقوق في مجتمعات آمنة وعادلة.
وتعمل تضامن على تنفيذ أهداف المشروع من خلال العمل على ثلاث محاور رئيسية: 1) محور التمكين الاقتصادي للنساء، 2) محور تعزيز الحماية القانونية للنساء، و3) محور الحماية من العنف القائم على النوع الاجتماعي والمسؤول عن تنفيذه منظمة التحالف من أجل التضامن بإشراف مباشر من جمعية تضامن.
أجريت هذه الدراسة عن طريق فريق بحث متخصص في أربع محافظات رئيسية وهي اربد، المفرق، الزرقاء وعمان. تبرز أهمية هذه الدراسة في اعتماد خطة رئيسية يُبنى عليها لاجراء التدريبيات المهنية للنساء المستهدفات ضمن عينة الدراسة (4 مجموعات مركزة في كل منطقة، مقابلات شخصية مع أرباب العمل) واستخدمت الدراسة المنهج الوصفي للدلالة على البيانات التي تم الحصول عليها أثناء مقابلة المجموعات المركزة المكوّنة من 32 إمرأة (19 سورية و13 أردنية) في كل مجموعة لتحديد الاحتياجات بدقة، بالإضافة الى المقابلات الشخصية مع أرباب العمل في 20 منشأة (5 منشأت في كل محافظة؛ 4 مقابلات في كل منشأة) مع المسؤولين ورؤساء الأٌقسام، وذلك خلال شهر كانون أول لعام 2020.
النتائج
توصلت الدراسة الى النتائج التالية:
- أوضحت الدراسة أن قطاعات العمل الصناعية تفضل تشغيل الذكورعلى تشغيل الاناث بحسب أرباب العمل، بحيث يرى هؤلاء أن لدى الذكور طبيعة جسدية قوية وأكثر قدرة على تحمل ضغط العمل والقيام بالأعمال الثقيلة، وهذا يحد من عمل الإناث في مختلف القطاعات في سوق العمل وينمطها وفق النوع الاجتماعي.
- تفضل قطاعات العمل الصناعية تشغيل الذكور على الاناث، وبحسب وجهة نظر أرباب العمل، الذكور لديهم طبيعة جسدية قوية وهم أكثر قدرة على تحمل ضغط العمل والقيام بالأعمال الثقيلة مما يحد عمل الإناث في مختلف القطاعات الموجودة في سوق العمل وينمطها وفق النوع الاجتماعي.
- أفادت 97% من النساء ضمن عينة الدراسة أنهنّ لا يمنعنّ من العمل من قبل أسرهنّ أو أزواجهنّ ولكن هناك محددات لاختيار نوع العمل، مقابل 3% يمنعنّ من العمل.
- تفضل النساء العمل من المنزل؛ فقد أظهرت نتائج الدراسة أن 75% من النساء العاملات يعملنّ من المنزل، مقابل 25% منهنّ يعملنّ من خارج المنزل، مع الاشارة أن العاملات من داخل المنزل يعملنّ في أعمال غير منظمة وغير خاضعة للترخيص، وفي مشاريع ومهن نمطية تقليدية لا تواكب التغيرات والتكنولوجيا.
- يفضل أصحاب العمل تشغيل السيدات المتزوجات على غير المتزوجات، إعتقاداً منهم أن المتزوجة تلتزم في العمل ولا تبحث عن غيره (الدوران الوظيفي)، كما تحاول الحفاظ على عملها لحاجة الأسرة إلى دخلها، وغالباً لالتزاماتها المادية المستوجبة السداد، في حين أن الغير متزوجة لا يوجد لديها مسؤولية والتزام مالي.
- يفضل أصحاب العمل تشغيل اللاجئات السوريات في حال توفر فرص عمل لهنّ على النساء الأردنيات، وخاصة في الاعمال المهنية واليدوية والمطابخ الانتاجية لأنهنّ، حسب اعتقاد اصحاب العمل، صاحبات اختصاص ويتقنّ هذا العمل خلاف السيدات الأردنيات اللواتي يتعلمنّ هذا العمل في مؤسسات التدريب المهني.
- جائحة كورونا أثرت بشكل مباشر على الاقتصاد بشكل عام وعلى عمل الذكور والاناث وبشكل خاص عمل النساء بسبب ما يعانيه العالم من تفشي فيروس كورونا والتدابير الاحترازية والوقائية، الأمر الذي انعكس سلباً على الواقع الاقتصادي وتقليص عدد العاملين في المنشآت ووصل بعضها الى انهاء واغلاق الأعمال، والاقتصار على الحد الأدنى من الموظفين والتوقف عن خدمات الضمان الاجتماعي لعدم وجود مردود مادي لتغطية الرواتب ودفع الضرائب، واداء الاقتطاعات.
وقد بينت نتائج الدراسة من جانب آخر أن هناك تحديات واجهت النساء في التشغيل والعمل مثل انخفاض مهارات السيدات الأردنيات في الأعمال المهنية والحرفية وافتقارهنّ إلى أساليب الترويج لمنتجاتهنّ ومن جانب آخر أنهنّ يعانينّ من غلاء الأسعار وارتفاع كلفة توصيل المنتجات الى الزبائن، بينما اشتكى اصحاب العمل في المنشأت التي تشغل العمالة السورية (من النساء بالتحديد) الى خروجهنَ من العمل، وانشغالهنّ في البحث عن الجمعيات الخيرية التي تقدم المساعدات، ويمتنع بعضهم عن تشغيل النساء السوريات لاضاعتهنّ ساعات العمل في الخارج، إضافة إلى التحديات التي تواجه النساء “ضعف المناهج التدريبية للواتي يتلقينّ التدريب المهني” كما أفاد أرباب العمل في بعض المنشآت حيث ان المناهج التدريبية لا تتناسب و الواقع “العملي” في المنشآت، والتي تتطلب السرعة في العمل، وبعض التدريبات المتخصصة والمتقدمة في المهن التي تفضل السيدات أن تتلقاها تكون مدفوعة، أي أن النساء تضطر لدفع مبلغ مالي لقاء التدريب، وبعض التدريبات تكون أولية غير متخصصة ومكررة وعندما يرغبنّ بفتح مشاريع (الصغيرة والمتوسطة) أنّ أغلبها تنتهي بعد مدة زمنية بسيطة من البدء بها، وذلك لعدة أسباب منها: عدم إعداد دراسات الجدوى الاقتصادية لمشاريعهنّ وافتقارهن للمهارات الأساسية في إدارة واستدامة تلك المشاريع، والكثير منهنّ لا يعطينّ للعمل المهني أهمية كبيرة ويعتبرنه من الأعمال المؤقتة لحين العمل في وظائف مكتبية وادارية.
ومن جانب المعرفة والوعي القانوني أظهرت النتائج أن السيدات السوريات والأردنيات لديهنّ نقص في المعرفة والوعي القانوني في القوانين والتشريعات العمالية وما يتصل بها. (حقوق العمل والعمال)
وكذلك بعض النساء العاملات يعانينّ من بُعد أماكن العمل في بعض المحافظات حيث يظطررنّ للذهاب إلى محافظة ثانية، بما في ذلك حاجتهنّ الخروج في ساعات الصباح المبكر والرجوع في ساعات متأخرة، ويُأثر ذلك عليهنّ إجتماعياً في بيئتهن المحافظة، عدا عن الضعف في شبكة الموصلات والتنقل عند الحاجة للخروج من المنزل.
التوصيات
توصيات موجهة الى الحكومة
1. من أجل تمكين النساء اقتصادياً، توصي الدراسة الحكومة والجهات المعنية المسؤولة عن تجهيز وتأمين وتحسين شبكة النقل العام والطرق والمواصلات على ضرورة توفير شبكة مواصلات آمنة وحديثة لتسهيل وصول النساء الى أماكن عملهن ولتسيير أعمال مشاريعهن الخاصة، ولتسهيل وتشجيع مشاركة النساء غير العاملات في سوق العمل.
2. من أجل الحد من التحرش الجنسي[2] في أماكن العمل، توصي الدراسة وزارة العمل بعقد ورش توعوية حول التحرش الجنسي، وإصدار مواد دعائية تكون بلغة بسيطة وواضحة، لزيادة الوعي حول هذا الموضوع عند أرباب العمل.
3. الثناء على جهود أصحاب العمل، خاصة المنشآت التي تطبق معايير العمل اللائق في وسائل الاعلام، وذلك لتشجيع المؤسسات الأخرى بتطبيقها.
توصيات موجهة الى مؤسسات المجتمعات المحلية ووسائل الاعلام
4. توصي الدراسة بضرورة تفعيل الشراكات مع مؤسسات المجتمع المحلي والإعلام ومجالس الحكم المحلي ومجلس النواب، لغايات عمل وتنفيذ حملات مناصرة وكسب تأييد للحد من التنميط الذي يفرض على عمل النساء وعن العنف والتمييز في مكان العمل.
5. تفعيل الشراكات مع وسائل الإعلام وبث الرسائل الإعلامية الهادفة إلى تشجيع الأسر والسيدات ضمن المجتمعات المحلية، لاستكمال تعليمهن الجامعي نظراً لأهمية التعليم في تحقيق التمكين الاقتصادي وحماية النساء من الواقع في براثن الاستغلال والعوز والتنمر.
6. توصي الدراسة بضرورة عمل حملات اعلامية وإعلانية تحارب النظرة السلبية تجاه عمل المرأة، والصورة النمطية التي ترى أن أولوية عمل النساء يقتصر داخل الفضاءات الخاصة فقط، من خلال بث رسائل توعوية مختلفة.
7. بعد إصدار الحكومة لتعليمات العمل المرن في عام 2018، توصي الدراسة بضرورة ابراز معايير العمل اللائق في وسائل الاعلام والترويج لها، لتتمكن النساء من العمل وتمكينهنّ اقتصادياً وتوسيع آفاق سوق العمل وبالتالي محاربة اقتصار عمل المرأة على مهن محددة.
8. توصي الدراسة بضرورة عمل حملات إعلامية تبرز قصص النجاح لنساء حققن موائمة بين أعمالهنّ في الفضاءات الخاصة والفضاءات العامة.
توصيات الى مؤسسات المجتمع المدني ومؤسسات التدريب
9. عقد تدريبات متخصصة وخاصة في المهن المتقدمة وغير التقليدية حيث أنّ الأساس موجود لديهنّ، وفي بعض المناطق لا يوجد لديهنّ أدنى معرفة في أي مجال من العمل المهني.
10. تدريب النساء على استخدام التكنولوجيا خاصة في مجال المشاريع الخاصة وتسويقها، وإنشاء آلية أو مظلة تساعد النساء في تسويق منتجاتهنّ بالطرق التقليدية وعن طريق الانترنت.
11. أهمية التوظيف الفاعل لاستخدام التكنولوجيا الحديثة في تأسيس وإدارة المشاريع المنزلية والصغيرة الخاصة بالسيدات، وتسويق منتجاتهن وذلك من خلال التنسيق مع شركات الاتصالات ومزودي الخدمة ومؤسسات التمويل الأصغر وذلك كاستحقاق مجاني قبل الحصول على تمويل للمشروع.
12. توصي الدراسة بأهمية تفعيل الشراكات التنسيقية مع مؤسسة التدريب المهني وتقديم الحوافز التشجيعية والورش المجانية والمتخصصة للسيدات، لتعريفهن بأهمية العمل المهني والحرفي والحد من التنميط الذي يلاحق العاملات في هذا القطاع.
13. عمل جلسات تثقيفية قانونية للاجئات السوريات والنساء الأردنيات حول التشريعات المتعلقة بهن، وعلى وجه الخصوص التشريعات العمالية والأحوال الشخصية، وضريبتي الدخل والمبيعات، والعمل المرن والعمل اللائق، وإجراءات ترخيص الأعمال من المنزل وقانون الضمان الاجتماعي.
14. ضرورة تكاثف جهود مؤسسات المجتمع المدني من أجل دعوة الحكومة الأردنية للمصادقة على اتفاقية القضاء على العنف والتحرش الجنسي في أماكن العمل.
توصيات الى أرباب العمل
15. توصي الدراسة أرباب العمل وأصحاب المنشآت التي لديها توجه لتوظيف وتشغيل النساء، بضرورة عقد دورات تدريبية حول مهارات الاتصال والتواصل بشكل متقدم للموظفات مع أرباب العمل ومع فريق العمل داخل المنشأة.
16. توصي الدراسة بضرورة عقد ورش تدريبية حول معايير العمل اللائق لأصحاب العمل لضرورة اطلاعهم عليها وضرورة تطبيقها في حيز العمل لما لها من أهمية في تحقيق العدالة والمساواة والكرامة للعاملات.
توصية الى مؤسسات التمويل
17. أوصت الدراسة مؤسسات التمويل الأصغر بعمل حزم تحفيزية[3] تنطوي على شروط ميسرة وامتيازات خاصة بالمشاريع التي تتقدم لها سيدات، للحصول على تمويل لتطوير مشاريعهن القائمة مع ضرورة توضيح مخاطر إدارة الأموال والدين والربح والسداد والأقساط والفوائد والآثار القانونية المترتبة على توقيع الأوراق والسندات المالية.