معهد الشرق الأوسط لدراسات الإعلام والسياسة

الصحافة والذكاء الاصطناعي وجهاً لوجه

0 197

 

كتبت : أميرة زهرة إيمولودان

صدمة وغضب وحيرة في عالم الإعلام. حالة تذكر بالاستنفار الذي تلا – قبل سنوات – خبر استعانة وكالة أنباء شينخوا الصينية بمذيع افتراضي في نشراتها الإخبارية، فيما وُصف حينها بـ “سابقة عالمية” لركوب موجة تقنيات الذكاء الاصطناعي، الأمر الذي رآه كثيرون تهديداً وجودياً لأهل مهنة الإعلام.

 

في المرة “السابقة” كان الاكتشاف بأن موقع CNET الشهير والمتخصص في مواضيع التكنولوجيا والالكترونيات نشر في هدوء عشرات المقالات التي تم إنتاجها بالكامل بواسطة الذكاء الاصطناعي.

 

الموقع لم يكن قد أعلن بشكل واضح عن مشروع كهذا، كما أن المقالات كانت تُنسب لمساهم أطلق عليه “CNET Money Staff ” ولا يظهر للقارئ بأن هذا المساهم هو في الحقيقة ذكاء اصطناعي، إلا بالنقر على الاسم، مما جعل الأمر يبدو كما لو أن الناشرين يحاولون التمويه وإبعاد التجربة عن أعين الأضواء والنقاد.

 

الخطوة لاقت انتقادات فيما يخص غياب الشفافية، ولاعتبارها محاولة لإلغاء وظائف الكتاب المبتدئين، وكذلك لوجود الكثير من التشكيك والحذر تجاه دقة الجيل الحالي لمولدات نصوص الذكاء الاصطناعي.

 

 

موقع CNET الشهير والمتخصص في مواضيع التكنولوجيا والإلكترونيات نشر في هدوء عشرات المقالات التي تم إنتاجها بالكامل بواسطة الذكاء الاصطناعي تبين أنها كانت مليئة بالأخطاء(موقع سي نت).

 

 

 

 

3موقع CNET الشهير والمتخصص في مواضيع التكنولوجيا والإلكترونيات نشر في هدوء عشرات المقالات التي تم إنتاجها بالكامل بواسطة الذكاء الاصطناعي تبين أنها كانت مليئة بالأخطاء(موقع سي نت).

 هناك فجوة معرفية وتواصلية بين التقنيين الذين يصممون الذكاء الاصطناعي والصحفيين الذين يستخدمونه مما يستدعي يقظة من الطرفين.

  القصة لم تنته هنا. يبدو أن الذكاء الاصطناعي خذل البشر ولم يظهر بالذكاء المتوقع!

 

Futurism وهو موقع آخر متخصص في العلوم والتكنولوجيا نشر انتقادات لاذعة حول مقالات CNET قائلاً إنها تتضمن “أخطاء غبية جداً” في شرح مفاهيم ومعادلات بسيطة حول موضوعات مثل الشؤون المالية.

 

وبالفعل أكد متحدث باسم CNET بأن الطاقم البشري للموقع قرر مراجعة جميع المقالات المدعومة بالذكاء الاصطناعي وإجراء التصحيحات الضرورية عليها، وفي بيان نُشر لاحقاً دافعت كوني غولييلمو رئيسة تحرير CNET عن سمعة ومصداقية الموقع، وأعلنت عن إرفاق توضيح بيِّن في كل المقالات المعنية يفيد بأنها أُنتجت بمساعدة الذكاء الاصطناعي، ثم روجعت ودُققت وحُررت من قبل فريق التحرير. غولييلمو -التي صرحت بنشر CNET حوالي 75 مقالاً من هذا النوع- وصفت الخطوة بـ “التجربة” التي تهدف إلى تسهيل عمل المحررين.

 

ربما من الصعب تمييز النسخ المكتوبة آلياً عن أي إنتاج بشري، على الرغم من كونها مليئة بالكليشيهات وافتقارها لحس العاطفة والفكاهة والإبداع كما تقول الواشنطن بوست، لكن لا يمكن لهذا إلا أن يدفعنا للتساؤل.. ماذا يحدث؟ بما تنذر مثل هذه التجارب؟ هل علينا كإعلاميين أن نقلق أو نشعر بنشوة التفوق؟ وما الذي يمكن أن نتعلمه هنا؟

 

 تيسير عمل الصحفي ومساعدته في تجويد عمله من المهام الأساسية للذكاء الاصطناعي (غيتي).

 

 

  

1 تيسير عمل الصحفي ومساعدته في تجويد عمله من المهام الأساسية للذكاء الاصطناعي (غيتي).

 

 نظرتنا للذكاء الاصطناعي.. هل هي من وحي هوليوود؟

جيش من الروبوتات بأدمغة متوهجة يخترق أسوار المختبرات ويغزو العالم، يستحوذ على كل الوظائف ويحول البشر إلى مخلوقات عديمة الفائدة. لا يمكننا إنكار هذه الصورة الهوليوودية التي تتبادر إلى أذهان الكثيرين سواء أكانوا صحفيين أم لا، عند الحديث عن التطورات التي يحرزها مجال الذكاء الاصطناعي اليوم.

 

بداية لا بد من إزالة بعض الضباب. فمصطلح الذكاء الاصطناعي يعود إلى الخمسينيات، وفي حين أنه اكتسب منذ ذلك الحين معانيَ كثيرة وأضحى يضم العديد من الحقول الفرعية إلا أن هناك إجماعاً حول طبيعته كعملية تطوير لأنظمة الحاسوب القادرة على أداء المهام التي تتطلب عادةً ذكاء بشرياً.

 

من هذا المنطلق تعرف اليونسكو الذكاء الاصطناعي بأنه “يُمكّن الآلات من تقليد الذكاء البشري في عمليات مثل الإدراك وحل المشكلات والتفاعل اللغوي أو حتى الإبداع” حيث يقوم بالتعلم من البيانات، والتعرف على الأنماط، وإصدار الأحكام مع تدخل بشري ضئيل أو معدوم.

 

يوضح ماتيا بيريتي، مدير مشروع JournalismAI التابع لكلية لندن للاقتصاد، أن هناك أمراً مهماً يجب إدراكه عند الحديث عن الذكاء الاصطناعي وهو: الفرق بين الذكاء الاصطناعي المتوفر لدينا حالياً والمعروف بـ “الذكاء الاصطناعي الضيق” أي برامج الحاسوب التي يمكنها أداء مهمة واحدة بشكل جيد للغاية قد يكون أحسن من البشر، وبين الذكاء الاصطناعي الذي يصوره لنا الخيال العلمي عادة أي “الذكاء الاصطناعي العام” وهذا لا يتعدى كونه مجرد فكرة أو حلم صنْع آلات تفكر وتعمل كعقل بشري، وإن كان السعي مازال مستمراً لتطوير هذا الأخير بسلوكيات مرنة ومهارات مثل الذاكرة والتعلم المستقل والاستجابة للعواطف.

 

لهذا ينصح بيريتي الصحفيين بالتريث عند قراءة أو كتابة أي شيء يتضمن عبارة “الذكاء الاصطناعي” من أجل التفكير في مصطلحات بديلة أكثر دقة، فلربما المقصود هو الخوارزميات أو برامج معينة مثلاً.

 

يتحدث بيريتي أيضاً عن أهمية استيعاب أن تطبيق الذكاء الاصطناعي في أي مجال ليس عملية واحدة أو قالباً جاهزاً، بل هو أمر يتطلب فهم احتياجات الاستخدام الخاصة بكل حالة وتصميم إستراتيجية مناسبة لها، بالإضافة إلى دراسة نقاط القوة والضعف فيها، وفي النهاية؛ فالذكاء الاصطناعي كأي ابتكار تقني آخر واجهناه من قبل. صحيح أن بإمكانه تغيير ملامح العمل داخل غرف الأخبار، لكن الأمر يبقى متروكاً للبشر، فهم من يقررون ما يريدونه من الذكاء الاصطناعي؛ لأن الآلات في حد ذاتها لا تملك الطموح أو القدرة على سرقة الوظائف في المستقبل القريب.

   

ثمة إمكانية لاستغلال الذكاء الاصطناعي لفهم وتحديد وتخفيف التحيزات الموجودة في غرف الأخبار، وتحليل الموضوعات التي لم تتم تغطيتها بشكل كاف.

    

كيف يؤثر الذكاء الاصطناعي على مستقبل الصحافة؟

وفقاً لتقرير صادر عن معهد رويترز حول اتجاهات وتوقعات الصحافة والإعلام والتكنولوجيا لعام 2023 موجة الابتكار التقني التالية موجودة الآن[I.Mansur1] ، وليست سوى التطورات المتلاحقة في مجال الذكاء الاصطناعي التي تثير المزيد من الفرص والتحديات بالنسبة للصحافة. من بين القضايا التي تطرح نفسها فيما يخص أوجه تأثير الذكاء الاصطناعي على غرف الأخبار، تلك التي وردت في منتدى عقده مركز تاو للصحافة الرقمية ومعهد براون للابتكار الإعلامي لتبادل السياسات عام 2017، حيث ناقش المجتمعون أسئلة مثل: كيف يمكن للصحفيين استخدام الذكاء الاصطناعي للمساعدة في إعداد التقارير؟ ما هي الأدوار التي قد يحل محلها الذكاء الاصطناعي؟ ما هي بعض مجالات الذكاء الاصطناعي التي لم تستغلها المؤسسات الإخبارية بعد؟ هل سيكون الذكاء الاصطناعي في النهاية جزءا من كل قصة إخبارية؟

 

البشرى المبدئية هي أن هناك مؤشرات كثيرة تفيد بأن الذكاء الاصطناعي سيعزز عمل الصحفيين بدلاً من استبداله إذا استُخدم بشكل صحيح، فلا يمكننا أن ننكر بأن الذكاء الاصطناعي كفيلٌ بأداء بمهام مملة ومتكررة لا يجد البشر فيها متعة وربما تستنزف الكثير من وقت الصحفي مثل تفريغ المقابلات، أو غربلة التعليقات اليومية.

 

المهم أن يبقى دور البشر فاعلاً في هذه العملية خاصة أن هناك فجوة معرفية وتواصلية بين التقنيين الذين يصممون الذكاء الاصطناعي والصحفيين الذين يستخدمونه مما يستدعي يقظة من الطرفين وسعياً لإبقاء الأمور تحت السيطرة لأن الذكاء الاصطناعي صعب التوقع، وبالتالي سيكون من الصعب أيضاً تحديد مواطن المشاكل فيه.

 

ولعل أفضل بداية نحو فهم أعمق لهذه التقنيات، هي خوض تجارب مباشرة فيها مثلما ما فعل فريق راديو بافاريا الألماني الذي قرر إطلاق تجربة رائدة تتمثل في إنشاء مختبر معني باستخدام الذكاء الاصطناعي لتطوير قصص استقصائية.

 

وفيما يلي 3 أمثلة عن مجالات صحفية معينة يمكن أن يكون للذكاء الاصطناعي تأثير كبير فيها بحسب جيريمي غيلبرت، الأستاذ المتخصص في إستراتيجية الإعلام الرقمي بجامعة نورث وسترن:

 

–   البيانات: الصحفيون اليوم مثقلون بالبيانات أكثر من أي وقت مضى، خاصة عندما يتعلق الأمر بالمشاريع الاستقصائية، وهنا بإمكان أدوات الذكاء الاصطناعي أن تساعد في فرز في عدد مهول من الوثائق، وأن تفتح أفاقاً لاكتشاف مواضيع جديدة، كما يمكن أن يدرب الصحافيون الأنظمة على رصد أحدث التوجهات وإطلاق إشعارات فورية عنها.

 

–   تكييف التجربة الإخبارية: لا شك أن المؤسسات الإخبارية التي لم تتبنّ الرقمنة بالكامل بعد، ستكون في وضع حرج للغاية مستقبلاً، ولن يكون بإمكانها اللحاق بتوقعات الجمهور المتغيرة. لقد جعلت الرقمنة التغذية الراجعة أكثر فاعلية، ومكنت المؤسسات من معرفة المزيد عن جمهورها، والذكاء الاصطناعي ليس قادراً – فقط- على تحديد ما يعرفه المتابع عن موضوع معين بناء على سلوكه الرقمي السابق، بل هو قادر أيضاً على استخدام البيانات لتقديم تحديثات حول الموضوع للمتابع حسب احتياجاته.

 

–   إعادة تصور هيكل ومضمون القصص: إيجاد المعلومة وطرح الأسئلة وكتابة القصة وإخراجها ثم نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي ربما لن يكون كافياً في المستقبل حيث يحتاج الصحفيون إلى التفكير في كيفية صياغة أشكال مختلفة من تلك القصة. يضرب غيلبرت مثالاً هنا بأن طرح أحدهم سؤال على أليكسا، المساعد الافتراضي الذكي الذي طورته أمازون، يعني أنه يتوقع إجابة محددة ومختصرة، وليس قصة من 1000 كلمة تتضمن إجابة في مكان ما بداخلها؛ لهذا يجب أن تصبح القصص نفسها إجابات على الأسئلة التي يطرحها مستهلكو الأخبار مصممة بناء على من هو السائل فلا شك أن الشاب البالغ من العمر 35 عاماً يبحث عن إجابة مختلفة عن طفل عمره 9 سنوات. هذا النموذج المختلف لسرد القصص هو نموذج لا يمكن تحقيقه إلا باستخدام الذكاء الاصطناعي، وتجربة ChatGPT خير مثال على فرص إنشاء أنواع جديدة من المحتوى شبه الآلي مع إمكانية ضمان كفاءة النتائج.

  

الترجمة والتحقّق من صحة الأخبار وجمع المشاركات القيمة عبر وسائل التواصل الاجتماعي واقتراح تحسينات في الصياغات، ومنح الأولوية للأخبار المهمة فور وقوعها كذلك من الأصعدة التي يبدو الذكاء الاصطناعي فيها واسع الأفق.

 

 في نفس هذا السياق يؤكد ماتيا بيريتي وجود إمكانية استغلال الذكاء الاصطناعي لفهم وتحديد وتخفيف التحيزات الموجودة في غرف الأخبار، وتحليل الموضوعات التي لم تتم تغطيتها بشكل كاف وحتى إعادة التفكير في المنتج الصحفي الأساسي بشكل يركز أكثر على تجربة المتابع واحتياجاته المتجددة.

 

فالترجمة، والتحقّق من صحة الأخبار، وجمع المشاركات القيمة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، واقتراح تحسينات في الصياغات، ومنح الأولوية للأخبار المهمة فور وقوعها، تعد من المجالات التي يبدو الذكاء الاصطناعي فيها واسع الأفق.

 

من أجل كل هذا تعمل شركات إعلامية على إدماج الذكاء الاصطناعي في عملها حيث تشير الأرقام بأن ما يقارب 3 من كل 10 شركات تقول إن الأمر أصبح الآن جزءا منتظما من أنشطتهم المعتادة، بينما أشار 39٪ إلى إجرائهم تجارب في هذا المجال.

 

 

 يقلد الذكاء الصطناعي الذكاء البشري في عمليات مثل الإدراك وحل المشكلات والتفاعل اللغوي أو حتى الإبداع” بالتعلم من البيانات، والتعرف على الأنماط، وإصدار الأحكام مع تدخل بشري ضئيل أو معدوم (من موقع فيوتشويوريزم).

 

 

 تجارب واعدة

من باب الاستلهام وعلى سبيل المثال لا الحصر، هناك وكالتان إخباريتان دوليتان كانت لهما تجربة رائدة في توظيف الذكاء الاصطناعي رغم اختلاف المنهج: رويترز التي تصنع معظم أدواتها للذكاء الاصطناعي داخلياً وأسوشيتد برس التي تعتمد على شراء أدواتها والتعاون مع شركات ناشئة.

 

صحيفة “نيويورك تايمز” أيضا استخدمت الذكاء الاصطناعي لمساعدة صحفييها في تحسين الصياغات وانتقاء الكلمات المفتاحية من خلال أداة “EDITOR“.

 

أما الواشنطن بوست اعتمدت عام 2016 على روبوت آلي يدعى “Heliograf” في تغطية دورة الألعاب الأولمبية في ريو دي جانيرو لمساعدة الصحفيين على تغطية النتائج وحصر الميداليات. ثم جرى تطويره ليستخدم مجدداً في تغطية الانتخابات الرئاسية الأميركية لاحقاً وقد نجح في إنتاج أكثر من 500 مقال.

 

الفاينانشال تايمز أنشأت أدوات داخلية لتقييم الأداء البشري والتحقق مما إذا كانت القصص الإخبارية منحازة إلى اقتباس عدد كبير من الرجال مقارنة بالنساء.

 

The Newsroom شركة ناشئة تستخدم الذكاء الاصطناعي لكتابة ملخصات أهم الأخبار خلال اليوم مع خلفية سياقية حولها، بالإضافة إلى توفير روابط قصص ذات صلة.

 

رحلة مليئة بالمطبات

 

يثير الذكاء الصناعي أنواعاً جديدة من الأسئلة والقضايا الأخلاقية من شأنها أن تزيد من متاعب مهنة الصحافة؛

 

مما يعني أننا بحاجة إلى مزيد من الصحفيين القادرين على رصد التجاوزات والإبلاغ عنها، ومن بين الظواهر التي تحتاج إلى عناية كبيرة هي تقنية التزييف العميق وارتباطها بالاحتيال والابتزاز والتضليل.

 

السرقات الأدبية أيضاً مرجحة للاستفحال في زمن الذكاء الاصطناعي وهذا ما أكدته تجربة الكاتب أليكس كانترويتز الذي اكتشف أن منشوراً كُتب باستخدام الذكاء الاصطناعي، تضمن سرقات من عمود كان قد نشره كانترويتز قبل يومين. نظراً لأن برامج الذكاء الاصطناعي تنتج محتواها عن طريق البحث في معلومات وبيانات متاحة من الأساس، يعني هذا أن الإتيان بنتائج جديدة أو إبداعات أصيلة محل تهديد.

 

لعل واحدة من الاهتمامات الأخلاقية الرئيسية المحيطة باستخدام الذكاء الاصطناعي في الصحافة هي مسألة التحيز؛ لأن الخوارزميات التي تم تصنيعها وتغذيتها من قبل البشر، يمكن أن تعكس تحيزاتهم.

 

من القضايا الأخرى أيضاً سبل ضمان عدم انتهاك الخوارزميات لحقوق الإنسان سواء من ناحية الخصوصية أو حرية الاختيار أو عدم تكريس صور نمطية موجودة في المجتمع، فكيف يمكننا برمجة القيم مثلاً؟ وكيف يمكن تفعيل آليات المساءلة عندما يكون الفعل نتيجة تشغيل آلي بالكامل؟

 

في سلسلة فيديوهات توعوية نشرتها اليونسكو، أكدت أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يحجب التعبير الشرعي عن الآراء ويمنع الأشخاص من التعرض لوجهات نظر متنوعة، ومن المحتمل أن يؤدي إلى تفاقم التلاعب بالمحتوى وتقليص التعددية الإعلامية ولهذا عواقب كبيرة على معتقدات الناس وسلوكهم

 

 

 

  

وفي تقرير لمكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان جرى تحليل كيفية تأثير الذكاء الاصطناعي على حق الأشخاص في الصحة والتعليم وحرية التنقل وحرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات وحرية التعبير، حيث كانت هناك حالات عديدة حُرم فيها أشخاص من مزايا الضمان الاجتماعي بسبب عيوب في أدوات الذكاء الاصطناعي، وتم القبض على آخرين بسبب خلل في تقنيات التعرف على الوجه.

   

السرقات الأدبية هي الأخرى مرجحة للاستفحال في زمن الذكاء الاصطناعي وهذا ما أكدته تجربة الكاتب أليكس كانترويتز الذي اكتشف أن منشوراً كُتب باستخدام الذكاء الاصطناعي، تضمن سرقات من عمود كان قد نشره كانترويتز قبل يومين.

   

توصيات من الأمم المتحدة:

في نوفمبر/ تشرين الثاني 2021 اعتمدت جميع الدول الأعضاء في منظمة اليونسكو اتفاقية تاريخية تحدد القيم والمبادئ المشتركة اللازمة لضمان التنمية الصحية للذكاء الاصطناعي.

 ركزت توصيات الاتفاقية على حماية البيانات وحظر استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي للتقييم الاجتماعي والمراقبة الجماعية، بالإضافة إلى إيجاد آليات لفهم أثر أنظمة الذكاء الاصطناعي على الأفراد إضافة إلى تقييم التأثير البيئي المباشر وغير المباشر الناتج عن دورة حياة نظام الذكاء الاصطناعي.

 

كما جرى أيضاً تحديد مبادئ استخدام الذكاء الاصطناعي داخل منظومة الأمم المتحدة لتوجيه تصميم الذكاء الاصطناعي وتطويره ونشره واستخدامه. بناء على هذه المبادئ يمكن استنباط إطار أخلاقي عام ينطبق على مجال الإعلام أيضاً، وإن كان من الضروري تحديث أحكام أخلاقية خاصة بالصحافة بما يتماشى مع ملامح الحقبة الحالية.

   

جيش من الروبوتات بأدمغة متوهجة يخترق أسوار المختبرات ويغزو العالم، يستحوذ على كل الوظائف ويحول البشر إلى مخلوقات عديمة الفائدة. لا يمكننا إنكار هذه الصورة الهوليوودية التي تتبادر إلى أذهان الكثيرين سواء كانوا صحفيين أم لا، عند الحديث عن الذكاء  الاصطناعي.

  

وقد تمحورت هذه المبادئ الأساسية حول التالي:

 

–   عدم استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي بطرق تسبب أي ضرر أو تفاقمه.

 

–   استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي بشكل مبرر وضمن سياق مناسب لا يتجاوز ما هو ضروري لتحقيق أهداف مشروعة.

 

–   تحديد المخاطر ومعالجتها والعمل على تخفيفها طوال دورة حياة نظام الذكاء الاصطناعي.

 

–   عدم استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي بشكل يؤدي إلى خداع الأفراد أو تهديد حقوقهم وحرياتهم.

 

–   يجب أن يهدف أي استخدام للذكاء الاصطناعي إلى تعزيز الاستدامة البيئية والاقتصادية والاجتماعية.

 

–   احترام خصوصية الأفراد كأصحاب بيانات وحمايتها وتعزيزها طوال دورة حياة أنظمة الذكاء الاصطناعي.

 

–   ضمان أن الذكاء الاصطناعي لا يلغي حرية واستقلالية البشر مع توفير إشراف بشري.

 

–   ضمان الشفافية وآليات تقييم الأثر بما في ذلك حماية المبلغين عن المخالفات.

 

 مجلة الصحافة 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.