تشهد التهديدات ضد الإعلام المستقل تزايدًا مستمرًا على الصعيد العالمي. وهناك العديد من الأسباب التي تدفع للتشاؤم بشأن وضع حرية الصحافة، من نقص الدعم للصحفيين في البيئات الخطرة إلى زيادة الرقابة الحكومية وقمع الصحفيين.
ومع ذلك، يمكننا أن نتعلّم من الصحفيين الذين يكافحون للتصدي إلى هذه الاتجاهات، بحسب أليزا أبلباوم، مديرة البرامج لدى المركز الدولي للصحفيين (ICFJ)، التي تحدثت في ويبينار أقامه المركز مؤخرًا ضمن منتدى تغطية الأزمات العالمية، بالتعاون مع إذاعة صوت أميركا (VOA).
وانضم إلى أليزا كل من سيروان كاجو، الصحفي المتخصص بحرية الصحافة لدى إذاعة صوت أميركا، والذي يغطي حاليًا أوكرانيا وروسيا؛ وسامي مهدي، مدير البرامج لدى المركز الدولي للصحفيين والحائز على جائزة نايت للصحافة الدولية من أفغانستان؛ وسالم سليمان، محرر مركز الأخبار لدى إذاعة صوت أميركا والذي سبق أن غطّى قضايا حرية الصحافة بأفريقيا.
من جهته، قال سليمان إن “في أغلب الدول التي تشهد نزاعات، تكون الحقيقة هي الضحية الأولى”.
وإليكم بعض الأفكار التي تم طرحها خلال الويبينار:
وضع حرية الصحافة
لقد شهدت حرية الصحافة تراجعًا على مستوى العالم، مما شكل ضغوطًا على الصحفيين والجماهير الذين يكافحون للوصول إلى المعلومات الصحيحة والموثوقة في بلدانهم.
وفي إشارة إلى قمع الإعلام في إثيوبيا أثناء الصراع المتواصل في مقاطعة تيغراي، قال سليمان إنّ “العداء تجاه الإعلام في أعلى مستوياته تاريخيًا، فوسائل الإعلام تخضع لحملات تشويه السمعة محليًا ودوليًا”.
وعلى مستوى العالم، تمّ فرض القيود على استخدام الإنترنت وأجبرت الحكومات المؤسسات الإخبارية على الإغلاق، كما تعرض الصحفيون للتهديد والسجن وحتى الموت لوقوفهم في وجه أصحاب السلطة ومحاسبتهم لمنتهكي حقوق الإنسان. وحسب مهدي، فقد اضطر الصحفيون الموجودون في أفغانستان إلى ممارسة الرقابة الذاتية خوفًا من انتقام “طالبان” منهم.
وأضاف سليمان أنّ “الدور الإعلامي [للحكومات المستبدة] هو تضخيم الدعاية، فقوة الدعاية في بيئة تنعدم فيها الصحافة المستقلة أمر في غاية الخطورة”.
دور المجتمع الدولي
يمكن للمجتمع الدولي أن يلعب دورًا حاسمًا في تعزيز حرية الصحافة في المواقف الخطرة من خلال حماية الصحفيين المحليين ودفع الحكومات إلى تغيير القوانين التي تستهدف العاملين في مجال الإعلام.
وفي هذا الصدد، قال مهدي إنّ “المجتمع الدولي لديه القدرة على [تعزيز] حرية التعبير، ولكنه لا يستغل هذه القدرة”.
وعلاوة على ذلك، يواجه الصحفيون الميدانيون التهديدات في خضم الصراعات كذلك، إذ يتعين عليهم في الكثير من الأحيان أن يختاروا بين الفرار إلى المنفى أو تحمل العواقب إذا ظلوا في أماكنهم. فعندما شنت روسيا غزوها الشامل لأوكرانيا في فبراير/شباط، كان الصحفيون في روسيا وأوكرانيا على حد سواء من بين الأهداف الأولى للحكومة الروسية، التي كانت تحاول قمع التغطية الواقعية لآثار الحرب. وفي هذا الإطار، شبّه كاجو الوضع بتدخل روسيا في الحرب السورية، مسلطًا الضوء على قيام الصحفيين السوريين بتقديم النصائح لزملائهم في أوكرانيا حول كيفية تغطية الصراع.
كما أشار كاجو إلى أهمية دعم التغطية المحلية للغزو الروسي، قائلًا إنّ “المبادرات الجديدة التي تطلقها المجموعات الإعلامية والمنظمات الدولية قد تكون أكثر تأثيرًا إذا تم تصميمها بحيث تدعم وسائل الإعلام المحلية”. وقدم مثالًا حول تجربة إعطاء المساحة للأصوات الريفية أثناء الحرب الأهلية السورية، وهو ما يمكن تكراره في أوكرانيا.[إقرأوا المزيد: الفائزان بجائزة نوبل للسلام يؤكدان على دور الصحافة في مكافحة الاستبداد]
التعلّم من الصحفيين
تنجح الحكومات بشكل منتظم في محاولاتها المتزايدة للسيطرة على الروايات المتداولة للأحداث. وحسب سليمان، “هناك نقص في الوعي الإعلامي في معظم أنحاء [أفريقيا]، وهو ما يتمّ استغلاله”. ومع ذلك، فقد استطاع الصحفيون في جميع أنحاء العالم العمل معًا والعثور على طرق للالتفاف على الرقابة وتقديم القصص التي تهم القراء.
فعلى سبيل المثال، أدى الصحفيون في المنفى دورًا أساسيًا في التعاون مع زملائهم الذين ظلوا في بلادهم، حيث استفاد الصحفيون من أفغانستان وأوكرانيا وإثيوبيا وغيرهم من شبكات الصحفيين الميدانيين ومهاراتهم اللغوية، والتي أتاحت لهم التغطية المستقلة والفعالة للقضايا الهامة في بلادهم، حتى وإن كان ذلك من خارج البلاد.
من جانبه، قال سليمان إنّ العديد من الصحفيين تعلموا أيضًا الاستفادة من التكنولوجيا للتحقق من البيانات وزيادة انتشار القصص. وأشارت أبلباوم إلى صحافة المواطن كأداة أخرى تستخدم على أرض الواقع، قائلة إنّ “هذه الشبكات غير الرسمية حققت النجاح، وسيكون من المثير للاهتمام أن نرى كيف تتطور هذه المنظومات”.