معهد الشرق الأوسط لدراسات الإعلام والسياسة

سر الغضب الإيراني من خليجي البصرة.. الجغرافيا أم السياسة؟

0 123

وصف مراقبون، وناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي، رد فعل إيران بشأن مصطلح “الخليج العربي” على هامش خليجي 25 في البصرة، بأنه مبالغ فيها، ورأى بعضهم أن الأمر يتعدى البعد الجغرافي أو التاريخ لتسمية الخليج، وأن الساسة الإيرانيين يبدون منزعجين بشكل أكبر من صور الحفاوة التي لقيها الخليجيون في البصرة العراقية.

والأربعاء صعدت إيران احتجاجاتها، واستدعت السفير العراقي في طهران احتجاجا على استخدام منظمي بطولة “خليجي 25” الجارية في البصرة، مصطلح “الخليج العربي”، بعد أيام قليلة من تقديمها شكوى إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم “FIFA” حول الموضوع.

وقال أمير عبد اللهيان، وزير الخارجية الإيراني، إن وزارته استدعت السفير العراقي “بعد استخدام السلطات العراقية مصطلحا وهميا بدلا من الخليج الفارسي”، وأوضح أنه نقل إلى الجانب العراقي ما وصفه بـ”حساسية الشعب الإيراني العظيم” بشأن القضية، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية.

وقبل أيام، صرح متحدث باسم الخارجية الإيرانية بإنه “لا يمكن أبدا تغيير تسمية الخليج الفارسي”.

وزعم وزير الخارجية الإيراني الأربعاء أن “رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني صحح هذه المسألة (هذا الخطأ) في مقال نشر مؤخرا على الفضاء الافتراضي”. لكن لم يلحظ موقع “الحرة” وجود أي تصريح لرئيس الوزراء العراقي خلال الأيام القليلة الماضية يثبت صحة ادعاء اللهيان.

وفندت منصة “التقنية من أجل السلام” العراقية المتخصصة في الرد على الأخبار المضللة، ادعاء المسؤول الإيراني، مؤكدة أنها لم تجد أي مصدر يثبت صحة ذلك مطلقا.

خلاف تاريخي أم سياسي؟
ولم يعلق العراق رسميا حتى الآن على الاحتجاجات الإيرانية، لكن لفظ “كأس الخليج العربي” بقي مستخدما منذ بداية النسخة الخامسة والعشرين من البطولة في مدينة البصرة في السادس من الشهر الجاري.

واحتجت طهران مرارا خلال الأعوام الماضية على استخدام دول أو منظمات، تسمية “الخليج العربي” لدى الإشارة الى الخليج.

في المقابل، احتج العرب على تسمية “خليج فارس” عندما تقدمت بعثتا السعودية والإمارات المشاركتان في دورة الألعاب البارالمبية في البرازيل باحتجاج رسمي للجنة المنظمة العليا لدورة “ريو 2016” بسبب استخدام البعثة الإيرانية لاسم “خليج فارس” على ملابسها والعلم الإيراني الذي يغطي أجزاء من دول خليجية، واعتبرتا ذلك يشكل مخالفة إيرانية للأعراف واللوائح والأنظمة المعتمدة لدى اللجنة البارالمبية الدولية، التي تؤكد عدم إثارة القضايا السياسية والعرقية والدينية في الألعاب.

ويقول الباحث المختص في الشؤون العراقية، علي المعموري، إن “هناك عدة مستويات لفهم الاهتمام الاجتماعي الحاصل بموضوع الخليج العربي وتسميته”.

مضيفا لموقع “الحرة” أن “وسائل التواصل الاجتماعي تقود الافراد تلقائيا للاشتراك بالترند الأبرز، وهو أمر يكاد أن يستوي فيه المتعلم وغير المتعلم، ولكن، طريقة الاستجابة هي التي تختلف من مجموعة إلى أخرى، وهنا، نستطيع ان نقول أن أحد أهم أسباب الضجة حول المصطلح إنما تتعلق بالموقف الشخصي السياسي، حيث ينبع كل شيء من السياسة ويعود لها في العراق”.

واستخدمت التسمية بدلالات سياسية من قبل، ومن دول لا تتشاطر ضفتي الخليج.

ففي 2017، وخلال أول ظهور لجون كيلي رئيس أركان البيت الأبيض في ذلك الوقت جاءت في أحد أجوبته إشارة إلى “الخليج الفارسي”، غير أن كيلي استدرك على الفور مكررا العبارة بصيغة “الخليج العربي”. وفي اليوم التالي عند استعراض الرئيس، آنذاك، دونالد ترامب لسياسته الجديدة إزاء إيران، والقائمة على الشدة والصرامة، تكررت على لسانه عبارة “الخليج العربي”.

“حيلة” لتغطية الضعف الداخلي
مع هذا، تقول الباحثة الإيرانية المعارضة د. راميش سيبهراد، إنه مع أن “تسمية الخليج الفارسي هي التسمية المعترف بها دوليا، إلا أن الضجة التي يثيرها النظام ترمي إلى اتجاه آخر”.

وتقول سيبهراد لموقع “الحرة” إن “النظام الإيراني يتطلع إلى صرف الانتباه عن القضية الحقيقية في إيران وهي الثورة التي تجري حاليا”، في إشارة إلى التظاهرات التي تشهدها إيران.

وتابعت “هذا النظام هو أسوأ عدو للشعب الإيراني وهذا الرد السطحي الذي لا معنى له هو حيلة لتغطية ضعفه في الداخل”.

وتشهد إيران تظاهرات مستمرة منذ أشهر، انطلقت بعد وفاة الشابة “مهسا أميني” خلال احتجازها لدى شرطة الأخلاق الإيرانية.

ووصفت التظاهرات بأنها الأكبر التي تشهدها إيران منذ نجاح الخميني بالوصول إلى الحكم وإسقاط الشاه عام 1979، كما أنها وصفت بأنها الأكثر خطورة على النظام منذ تأسيسه.

تلاحم “مغيظ”
ويقول باحثون عراقيون أن إيران هي من “يثير الضجيج” بشأن الموضوع، ولم تكتف بالاحتجاج “الروتيني” أمام فيفا، كما يقول الباحث السياسي أحمد السهيل، وإنما أيضا بتصعيد الموضوع إلى استدعاء السفير العراقي في طهران.

والتصعيد، بحسب السهيل “نابع من غيظ طهران من الحفاوة التي استقبل بها العراقيون أشقاءهم العرب خلال لقائهم الكبير الأول في العراق منذ عقود”.

ويقول السهيل لموقع “الحرة” إن طهران “التي استثمرت طويلا في المساحة العقائدية لخلق نفور عراقي من محيطه العربي تتخوف من إعادة إحياء التلاقي العراقي العربي، وتحديدا في البصرة التي تعتبر مساحة استثمار اقتصادي وسياسي وعقائدي، وهذا الأمر ستحاول طهران دائما تعزيزه وإدامته وضرب أي مسار من شأنه تقويض نفوذها فيه، لذلك هي تحاول إثارة موجة إعلامية ضد بطولة الخليج لتحفيز اتباعها”.

وتابع “بالإضافة الى ذلك تحاول طهران جر الجدل من منطقة التلاقي العربي العراقي إلى خلافات جانبية وجعل السائد متعلقا باسم الخليج وليس ما خلقته البطولة من اجواء ودية بين الخليجيين والعراقيين”.

وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، انضم ناشطون عراقيون إلى الجدل السائد، وأيد بعضهم دعاوى إيران باعتبارها “صحيحة تاريخيا” بل أن بعضهم هاجم تسمية “الخليج العربي” باعتبارها تسمية “تذكر بالحكم القومي” الذي سيطر على البلاد لعقود.

في المقابل هاجم آخرون التسمية، واشترك في الجدل شخصيات بارزة عربية وعراقية، مثل ضاحي خلفان نائب رئيس شرطة دبي.

وفي بادرة لافتة، استخدم زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، مصطلح الخليج العربي بين قوسين، في رسالة ترحيب ببدء البطولة.

وكانت إيران حساسة دائما تجاه التسمية، ففي بداية 2010، قررت إيران حظر مجالها الجوي أمام الشركات التي لا تعتمد مصطلح “الخليج الفارسي” في الخرائط على شاشات طائراتها.

وفي يناير من العام ذاته، ألغى الاتحاد الرياضي لمنظمة المؤتمر الإسلامي الذي يتخذ في الرياض مقرا له، دورة كانت مقررة بعد أشهر في طهران لأن الأوسمة تحمل رسما كتبت عليه عبارة “الخليج الفارسي”.

وفي 2012، لوّحت طهران برفع دعوى قضائية على محرك البحث “غوغل” لعدم استخدامه عبارة “الخليج الفارسي”..

وتقام بطولة الخليج بنسختها الـ25، التي انطلقت الجمعة في مدينة البصرة، مرة كل عامين تحت اسم رسمي هو “كأس الخليج العربي”، وتشارك فيها دول مجلس التعاون الخليجي (السعودية، الإمارات، الكويت، قطر، البحرين، سلطنة عمان)، إضافة إلى اليمن والعراق الذي يستضيفها للمرة الأولى منذ 1979.

نقلا موقع الحرة

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.