mempsi

إسبانيا والصحراء الغربية.. موقفان مغايران لأحد أطول الصراعات في العالم

تفاجأت السلطات الجزائرية بشدة، وعبرت جبهة بوليساريو عن “استغرابها” من موقف إسبانيا بشأن قضية الصحراء الغربية.

فقد تحركت إسبانيا والمغرب، الجمعة الماضية، لتسوية خلاف دبلوماسي، حيث اقتربت مدريد من موقف الرباط بشأن الصراع في الصحراء الغربية، وقالت لقد بدأت “مرحلة جديدة في العلاقات”.

وتعد أزمة الصحراء الغربية أحد أطول الصراعات السياسية في العالم.

ماذا حدث؟

كانت الحكومة الإسبانية أعلنت، الجمعة، “مرحلة جديدة في العلاقة مع المغرب تقوم على الاحترام المتبادل، واحترام الاتفاقات، وغياب الإجراءات الأحادية والشفافية والتواصل الدائم”.

وجاء الإعلان بعد بيان للديوان الملكي المغربي أشار فيه إلى رسالة وصلت من رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز اعتبر فيها أن مبادرة “الحكم الذاتي” المغربية المقترحة للإقليم المتنازع عليه “بمثابة الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية الخلاف”.

ويشير ذلك إلى تحول في سياسة مدريد بشأن الصحراء الغربية، وهي منطقة يعتبرها المغرب جزءا من أراضيه لكن هناك حركة تدعمها الجزائر (بوليساريو) تطالب بقيام دولة مستقلة عليها.

وكانت إسبانيا ، التي لا تزال تعتبر القوة الإدارية الاستعمارية للصحراء الغربية منذ تخلت عن الإقليم عام 1975، قد أيدت لفترة طويلة إجراء استفتاء لتقرير المصير برعاية الأمم المتحدة، قائلة إنه السبيل الوحيد لتسوية أزمة الإقليم.

غير أن المغرب قال إنه تلقى رسالة تقول إن إسبانيا تعتبر مبادرة الحكم الذاتي التي طرحها المغرب سنة 2007 الأساس “الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية الخلاف”.

وفي رسالة إلى الملك محمد السادس أقر سانشيز بـ”بأهمية قضية الصحراء بالنسبة للمغرب”، وفق بيان أصدره البلاط الملكي المغربي.

وأشادت الرباط “عاليا بالمواقف الإيجابية” و”الالتزامات البناءة” لإسبانيا إزاء مقترح المملكة منح حكم ذاتي لحل نزاع الصحراء الغربية، ما من شأنه تحسين العلاقات المتأزمة بين الجارين.

وقالت وزارة الخارجية المغربية إنها ترحب بالموقف الإسباني، وإن وزير الخارجية الإسباني سيزور الرباط بحلول نهاية مارس، وإن رئيس وزراء إسبانيا سيزور الرباط بعد ذلك في تاريخ لاحق

أصل النزاع الدبلوماسي

في أبريل من العام الماضي غضب المغرب بعد أن وافقت إسبانيا على دخول جبهة البوليساريو أراضيها للعلاج حاملا أوراق سفر جزائرية، وقالت الرباط إنها لم تتلق إخطارا بذلك.

وبعد ذلك بدا أن الرباط خففت مراقبتها للحدود مع جيب سبتة الإسباني في شمال المغرب، مما أدى إلى تدفق ما لا يقل عن ثمانية آلاف مهاجر على الجيب أعيد معظمهم إلى الأراضي المغربية في وقت لاحق.

وأكدت وزارة الخارجية الإسبانية أن رسالة أُرسلت إلى المغرب لكنها لم تكشف عن أي تفاصيل. فيما قال الديوان الملكي إن رسالة سانشيز تشير إلى إصرار مشترك على مواجهة تحدي الهجرة.

حكم ذاتي أم استفتاء؟

يقترح المغرب منح الصحراء الغربية، التي يسيطر على نحو 80 في المئة من مساحتها، حكما ذاتيا تحت سيادته لحل النزاع.

وتقول الرباط إن اقتراحها لعام 2007 بالحكم الذاتي لإقليم الصحراء الغربية هو أقصى ما يمكن أن تقدمه باعتباره حلا سياسيا للصراع.

أما جبهة البوليساريو، مدعومة من الجارة الجزائر، فتطالب بإجراء استفتاء لتقرير مصير الإقليم.

ولسنوات أيدت معظم الدول فكرة إجراء استفتاء لحل القضية وهو الذي تم الاتفاق عليه باعتباره جزءا من وقف إطلاق النار والحل الذي تطالب به البوليساريو.

ومع ذلك لم يكن هناك اتفاق في أي وقت على الكيفية التي سيجرى بها الاقتراع.

وفي السنوات الماضية توقفت الأمم المتحدة بدورها عن الإشارة إلى فكرة الاستفتاء، واستبدلتها بالسعي إلى حل واقعي مقبول من الطرفين يقوم على المرونة.

وقد دعا مجلس الأمن الدولي المغرب وجبهة البوليساريو والجزائر وموريتانيا إلى استئناف المفاوضات المتوقفة منذ 2019 “بدون شروط مسبقة وبحسن نية” بهدف التوصل إلى “حل سياسي عادل ودائم ومقبول للطرفين”.

موقف الجزائر

استدعت الجزائر، السبت، سفيرها لدى إسبانيا للتشاور بشأن أحدث تعليقات لمدريد عن قضية الصحراء الغربية.

وقالت وزارة الخارجية الجزائرية: “تفاجأت السلطات الجزائرية بشدة من التصريحات المفاجئة للسلطات العليا في إسبانيا بشأن قضية الصحراء الغربية”.

وقال مصدر حكومي لرويترز إن إسبانيا أبلغت الجزائر بموقفها “فيما يتعلق بالصحراء الغربية”.

وأضاف المصدر “بالنسبة لإسبانيا تعد الجزائر شريكا استراتيجيا وموثوقا ويحظى بأولوية ونعتزم الحفاظ على علاقة مميزة معه”.

والجزائر مورد رئيسي للغاز لكل من إسبانيا وإيطاليا.

وردا على ذلك، قال مصدر دبلوماسي جزائري لرويترز إن الموقف الجديد لإسبانيا تجاه الصحراء الغربية هو تحول “غير متوقع” عن موقفها المحايد السابق الذي كان داعما لخطة الأمم المتحدة التي تتضمن إجراء استفتاء لتقرير المصير.

وأضاف المصدر الجزائري “هذه خيانة للشعب الصحراوي”.

بيان البوليساريو

عبرت جبهة بوليساريو، في بيان، عن “استغرابها” موقف الحكومة الإسبانية.

وقال البيان: “بكثير من الاستغراب، اطلعت حكومة الجمهورية الصحراوية والجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادى الذهب (بوليساريو) مساء اليوم (الجمعة) على محتوى البيانين الصادرين عن المحتل المغربي وحكومة القوة المديرة الإسبانية”.

وأكد أن “الموقف المعبر عنه من لدن الحكومة الإسبانية يتناقض بصفة مطلقة مع الشرعية الدولية”.

وأشار إلى أن “الأمم المتحدة و الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي ومحكمة العدل الدولية و محكمة العدل الأوروبية وكل المنظمات الإقليمية و القارية لا يعترفون، جميعهم، بأي سيادة للمغرب على الصحراء الغربية”.

وحمل بيان بوليساريو إسبانيا ومعها فرنسا باعتبارهما قوتين مستعمرتين سابقتين، مسؤولية “الدفاع عن الحدود الدولية المعترف بها” بين الصحراء الغربية و”جيرانها الثلاثة، المغرب والجزائر وموريتانيا”.

ودعا القوى السياسية في مدريد إلى “الضغط على الحكومة الإسبانية لتصحيح هذا الخطأ الفادح”.

وفي أواخر 2020 قالت جبهة البوليساريو إنها استأنفت الكفاح المسلح بعد وقف لإطلاق النار استمر من عام 1990 ولكن ليس هناك ما يشير إلى قتال جدي.

موقع الحرة

Exit mobile version