حذر منتدون في معهد الشرق الأوسط للإعلام والدراسات السياسية MEMPSI من الاستمرار في رفع سعر الفائدة، وهو ما من شأنه أن يحبط النمو الاقتصادي.
واجمعوا في الندوة التي استضافها المعهد حول ” رفع أسعار الفائدة على الدينار الأردني ما له وما عليه” ، وشارك فيها نائب رئيس الوزراء الأسبق الدكتور يوسف منصور ومدير عام جمعية البنوك الأردنية الأسبق الدكتور عدلي قندح، وأدارها مدير عام وكالة الأنباء الأردنية السابق فايق حجازين؛ أن التضخم في الأردن مستورد من الخارج، نظراً لاعتماد السوق الأردني على المستوردات الخارجية للسلع والبضائع والتي ارتفعت أسعارها عالميًا بنسب كبيرة.
وقال المشاركون في الندوة إن رفع الفائدة هي من أدوات كبح التضخم الاقتصادي، لكنها ليست الأداة الرئيسية، خصوصًا وأن المشهد في الأردن يختلف عن الولايات المتحدة الأمريكية التي تشهد انخفاض واضح لمعدلات البطالة وارتفاع نسبة التضخم جراء المبالغ المالية الكبيرة التي ضختها الحكومة الأمريكية في السوق أثناء جائحة كورونا، بينما يشهد الاقتصاد الأردني تباطوء في النمو الاقتصادي وزيادة معدلات البطالة وازدياد التضخم لارتباطه بالمستوردات.
واجمع الحضور بأن الاقتصاد الأردني لا يحتمل الاستمرار في رفع أسعار الفائدة؛ وأشاروا إلى أن رفع أسعار الفائدة الحق الضرر بالمقترضين لأن الأقساط البنكية التي يتم تسديدها تذهب لأطفاء الفوائد دون التسديد من أصل المبلغ المقترض.
واكدوا بأن رفع الفائدة بواقع ٩ مرات خلال الفترة الماضية خدم أصحاب المال والحق الضرر بالمقترضين.
وأشاروا إلى تضرر قطاع الاسكان من الزيادة بأسعار الفائدة؛ لأن ” استئجار الشقة غدا أوفر من الشراء في ظل الزيادات التي تم فرضها على المقترضين دون مراعاة الحماية الاجتماعية للمقترضين”.
وتالياً نص ما قاله الدكتور يوسف منصور:
يطالب المستهلكون والتجار البنوك بتأجيل سداد قروضهم الشهرية، وقد أيد هذا الطلب ومبرراته مجموعة من البرلمانيين، وبالمقابل كان هنالك حجج تبدو موضوعية بالرفض من قبل المصرفيين أنفسهم، والعديد من النقاد. ولقد اكتسب هذا النقاش زخمًا خلال شهر رمضان المبارك وعطلة العيد القادمة”.
واضاف” رفع البنك المركزي الأردني سعر الفائدة الرئيسي من 2.5 في المائة في 3 آذار2010 إلى 7 في المائة في 26 آذار2023. ووفقًا لقاعدة بيانات البنك المركزي الأردني، فإن سعر الفائدة الجديد (7%) هو الأعلى منذ عام 2017، ليبلغ التصعيد في سعر الفائدة 4.5 في المائة من خلال تسع زيادات اطلقها البنك المركزي خلال الفترة المذكورة. بالمقابل، كانت الأسباب المعلنة لهذه الزيادات سببين: أولاً، الحفاظ على جاذبية الدينار الأردني بالنسبة للدولار الأمريكي واستمرار سعر الربط بين الدولار والدينار منذ العام 1995؛ ثانياً، لمكافحة التضخم.
يخضع كلا السببين للنقاش، فهنالك دليل عملي قوي على أن الحفاظ على هامش سعر الفائدة بين الدينار والدولار الأمريكي غير فعال في جذب الودائع بالدينار، مقابل الودائع بالدولار، خاصاً عندما يكون معدل النمو الاقتصادي الحقيقي منخفضًا. أي وبعبارة أخرى، فإن الهامش التفضيلي الضئيل بين العملتين يكون دافعاً هزيلاً في الدفاع عن جاذبية أي عملةٍ، عند مقارنته بما يمكن خسارته في حال انهيار العملة، والذي يتخطى عادةً هذا الهامش بنسبة كبيرة. أي انه في حال سقوط عملة ما كما حصل في تركيا في الثمانينات مؤخراً وارجنتينا ومصر، كان بنسب أرقام مزدوجة. لذا، فان الهامش بين الدولار والدينار يكون أقل فاعلية في الدفاع عن عملةٍ إذا كان معدل نمو الاقتصاد الكلي بطيء.
ومن ناحية أخرى، فإن هامش سعر الفائدة بين الدولار والدينار يصبح فعالاً في جذب الودائع بالدينار عندما يكون الاقتصاد ومعدلات نموه في وضع جيد وهو ما حدث في الفترة 2008- 2004. أي ان التفاؤل الذي يتسبب به معدلات نمو اقتصادية مرتفعةٍ يقود الناس الى جعل ودائعهم بالدينار بدلا من عملات أخرى للاستفادة من هامش سعر الفائدة التفضيلي، حيث أن العقلانية تقودهم إلى وضع ودائعهم بالدينار لارتفاع الفائدة على الدينار بالنسبة للدولار.
أما الحجة الثانية وهي مكافحة التضخم ورفع سعر الفائدة كالوسيلة لمحاربته، فإن الحجة المستخدمة ليست دقيقة تماماً. فعلى الرغم من أن رفع سعر الفائدة قد يؤدي إلى تقليص المعروض النقدي وبالتالي تقليل السيولة في أيدي الناس، ففي حالة الأردن، أحد أكثر البلدان تحريرا للتجارة، حيث تشكل الواردات ما يقارب ثلثي الناتج المحلي الإجمالي، ينبغي للمرء أن يأخذ بالحسبان أن ثلثي التضخم مستورد، تقرر أسعاره دول العالم المصدرة للأردن.
أيضا، وبما أن الاقتصاد مترابط ولا يمكن تحريك أحد مدخلاته أو جوانبه دون التأثير في كافة المدخلات الاخرى، فإن رفع سعر الفائدة سيزيد من تكلفة الإنتاج، ويقلل من تدفق الاستثمار، ويقلل من الطلب على السلع التي تشكل جزءاً كبيرا من الدخل كالعقارات مثلاً، وبالتالي يقلل من معدلات النمو الاقتصادي مع عدم التأثير على التضخم في حد ذاته. وعلى سبيل المثال، في حين ارتفع مؤشر الإنتاج الصناعي في آذار 2023 بنسبة 0.9 في المائة، ارتفع مؤشر أسعار المنتجين أيضًا بنسبة 3 في المائة (والذي يشكل حالة شاذة في اقتصاد إنتاجي)، وارتفع مؤشر أسعار المستهلك بنسبة 3.91 في المائة، أي أن رفع سعر الفائدة لم يخفض من التضخم كما يعتقد البعض.
ويختلف الأردن عن الولايات المتحدة، حيث لا يُسمح للبنوك هناك برفع سعر الفائدة على القروض السابقة، فعندما يأخذ شخص ما قرضًا بسعر الفائدة القديم، لا يتأثر قرضه بزيادة سعر الفائدة، بينما يتأثر فقط أولئك الذين يرغبون في الاقتراض من جديد. ولكن في الأردن، يرتفع سعر الفائدة على كل من القروض القديمة والجديدة. وهو أمر غير صحي أو صحيح على الإطلاق. لماذا؟
فلننظر الى مثال حقيقي؛ حصل أحد الزملاء في العمل على قرض لمدة 30 عامًا بقيمة 37 ألف دينار أردني وبنسبة فائدة بلغت 5.75 في المائة قبل عامين. نتيجة رفع سعر الفائدة من المركزي قام البنك المقرض برفع سعر الفائدة الى 9.45 بالمائة، أي بزيادة قدرها 3.7 في المائة أو65 في المائة من الفائدة الأصلية. لم يقم البنك بزيادة أقساطها الشهرية فقط بل قام أيضاً برفع فترة السداد بما يقارب عامين. زميلتي، حتى لو فازت باليانصيب وأصبحت قادرة على سداد القرض مبكرًا، سيتعين عليها دفع المبلغ بالكامل بالإضافة إلى جميع مدفوعات الفائدة، حيث أن البنوك في الأردن تخصم أيضًا مدفوعات الفائدة أولاً، وهي ممارسة سخيفة. البنوك لدينا لا تخسر أبداً.
لاحظ أن عبء مخاطر القرض كاملة، والذي عادةً ما يكون مضمونًا بممتلكات عقارية تتجاوز بكثير قيمة القرض، يقع على عاتق المقترضين وليس على البنوك. كما أن البنوك لا تحتاج إلى الاقتراض من البنك المركزي الأردني لأن لديها ودائع كبيرة بالدينار والدولار، خاصة وأن الأردنيون اصبحوا يتجنبون أسواق الأسهم والعقارات لصالح الودائع المصرفية وفوائدها. وبما أنها لا تقترض من البنك المركزي فلماذا ترفع سعر الفائدة حين يرفعها المركزي؟ طبعا الإجابة معروفة: زيادة الأرباح.
هل يجب على البنوك تأجيل الدفعات هذا الشهر؟ من مبدأ المنافسة مع الآخرين والسعي وراء توسيع قاعدة العملاء فإن من المنطقي أن يفعل ذلك بنك واحد على الأقل أو أكثر. ولكن إذا تحركت البنوك بتوافق مع عدم تأجيل الدفعات قد يعتبر البعض هذا التصرف إشارة إلى وجود نوع من التواطؤ الضمني بين البنوك، وهو أمر غير قانوني بموجب قانون المنافسة الأردني وضار بالاقتصاد.
هل تأجيل سداد القرض (بفائدة) مجزٍ للمقترضين؟ يعتمد، فبالنسبة لأولئك الذين يرغبون في الاستهلاك والانفاق الآن (رمضان والعيد مناسبتان لزيادة الإنفاق، تليهما فترة من الفقر الإضافي المؤقت) بأي ثمن، يجب أن يكون لديهم الخيار. اما من ناحية البنوك فهم لا يخسرون شيئاً، بل في الواقع يكسبون. أما إذا كان المرء مقتصدًا حتى في الشهر الكريم وموسم الأعياد، فمن الأفضل له عدم زيادة الانفاق وكلفة الاقتراض الآن.
هل من الجيد للناس من الناحية الاقتصادية أن يؤجلوا المدفوعات الآن لتمكينهم من الإنفاق أكثر حالياً؟ بالطبع نعم، حيث سيؤدي الطلب المتزايد إلى زيادة في الناتج المحلي الإجمالي، حتى لو كانت الزيادة بصورة مؤقتة، ففي كل الدول، وكما هو معروف احصائيا، ينفق الناس أكثر خلال الأعياد الدينية أو الوطنية المختلفة، فيتنشط الاقتصاد مع ازدياد الطلب خلال هذه الفترات ثم تنخفض وتيرة النشاط مع تراجع الاستهلاك بعد هذه المناسبات. وعلى سبيل المثال، يزداد النشاط الاقتصادي قبل وخلال فترة أعياد الميلاد المجيدة في الغرب في شهر كانون الأول، ولكي لا تتراجع الوتيرة في الشهر الذي يليه، تقوم المحلات التجارية بعمل تنزيلات ما بعد العيد لتنشيط وتمديد فترة الشراء.
هل القطاع المصرفي متضرر بما يكفي ويحتاج إلى السيولة، مما يبرر رفضه لتأجيل الدفعات؟ أبداً لا. لقد نما القطاع المصرفي بالأسعار الثابتة خلال السنوات الأربع الماضية بمعدل متوسط 3.5٪، وفي عامي2021 و2022، نما بنسبة 4.2 في المائة و4.4 في المائة على التوالي، بينما بلغ معدل نمو الاقتصاد 2.2 في المائة و2.5 في المائة في ذات الفترة. وفي عام 2020 كان القطاع المصرفي هو الأقل تأثراً من بين كافة القطاعات بجائحة الكورونا، حيث نما بنسبة 3.1 في المائة بالأسعار الثابتة، ونما الاقتصاد بنسبة سالب 1.3 في المائة.
باختصار، فإن طلب تأجيل السداد أمر غير ضارٍ بالبنوك، بل إنه يدر عليها عائدات إضافية. وحسب قواعد المنافسة التي تتطلب يشذ أحد البنوك على الأقل عن القاعدة، ونظراً لوجود الطلب على التأجيل، وعدم وجود مخاطر إضافية على البنوك، وبما أن البنوك لا تعاني من معدلات نمو وأرباح منخفضة، فان المنطق يقول بأنه لا ينبغي ان يكون تأجيل الدفعات أمرًا مثيرًا للجدل.
وتالياً نص ما قاله الخبير الاقتصادي والمالي الدكتور عدلي قندح :
تعرض الاقتصاد العالمي خلال العقدين الماضيين لعدة صدمات أضعفته، كان أخرهما جائحة كورونا التي أندلعت في نهاية عام 2019 في مدينة أوهان الصينية، والحرب الروسية الأوكرانية التي أندلعت بتاريخ 24 شباط 2022، وأدت الازمتان إلى ارتفاعات مستمرة في أسعار الأغذية والطاقة والمعادن الأخرى العالمية لعدة شهور متتالية، إبتدءًا من الربع الثاني عام 2020، تخللها انخفاض بسيط في الربع الثالث من عام 2020. وما ان اندلعت الحرب الروسية الاوكرانية الى أن عادت الاسعار للارتفاع مجدداً. كل ذلك أدخل الاقتصاد العالمي بمرحلة صعبة في تاريخه، من المرجح أن تؤدي الى دخول الاقتصاد العالمي بما يسمى بظاهرة “الركود التضخمي”، وما يصاحبها من أزمات أثرت على مؤشرات العديد من القطاعات. وهذا ما دفع البنوك المركزية حول العالم إلى رفع معدلات الفائدة لتسع مرات وبشكل حاد.
- استجابة للتطورات النقدية العالمية، وعلى أثر رفع بنك الاحتياط الفيدرالي سعر الفائدة على أمواله، وبهدف المحافظة على الاستقرار النقدي وجاذبية الدينار الاردني كوعاء ادخاري ومحاربة التضخم، قام البنك المركزي الأردني برفع أسعار الفائدة على كافة أدوات السياسة النقدية تسع مرات خلال الأشهر الأثنتي عشر السابقة (آذار 2022 -أذار 2023).
- وقد جاءت تلك الزيادات بنفس يوم أو في اليوم التالي (أو يوم العمل التالي اذا صادفت عطلة نهاية الاسبوع) لرفع اسعار فائدة بنك الاحتياطي الفيدرالي، للمحافظة على هامش فائدة بين ادوات الدينار والدولار لصالح الدينار. وان كانت العلاقة بين أسعار فائدة الاحتياطي الفيدرالي وأسعار الفائدة على أدوات السياسة النقدية ليست واحد الى واحد، وهذا أمر مقبول نظرا لارتباط الدينار الاردني بالدولار الاميركي وكون الخيارات أمام واضعي السياسة النقدية محدودة.
- وبنفس الوقت، قرر البنك المركزي تمديد العمل ببرامجه لاعادة تمويل عشر قطاعات اقتصادية رئيسية بقيمة 1.3 مليار دينار تبقى منه 0.6 مليار دينار، مع الابقاء على أسعار فائدة هذا البرنامج دون تغيير عند 1.0% للمشاريع داخل محافظة العاصمة، و 0.5% للمشاريع في باقي المحافظات. كما قرر الابقاء على برنامجه لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة والمهنيين والحرفيين البالغ قيمته 0.7 مليار دينار حتى نهاية أيلول 2022، والابقاء على سعر الفائدة لهذا البرنامج بما لا يتجاوز 2.0% ولاجل 54 شهرا متضمنة فترة سماح تصل الى 12 شهرا.
- تشير نتائج التحليل أن البنوك لم تعكس بالكامل الارتفاعات التي حصلت على أسعار فائدة أدوات السياسة النقدية المختلفة على أسعار الفائدة على الودائع بمختلف أنواعها خلال الربع الثاني من عام 2022، وصل أعلاها على أسعار الفائدة للودائع لأجل ما مقداره 151 نقطة أساس أو 35.5% من أجمالي الزيادة في سعر الفائدة الرئيسي للبنك المركزي خلال نفس الفترة. تلاها الوسط المرجح لأسعار فائدة الودائع تحت الطلب والتي وصلت الزيادة فيها 20 نقطة أساس وهو ما يشكل حوالي 4.7% من نسبة زيادة أسعار الفائدة الرسمية المتمثلة بسعر الفائدة الرئيسي للبنك المركزي.
- وتشكل الزيادات على أسعار فائدة الودائع بكافة أشكالها مصادر دخل لأصحاب الودائع، ولكنها بنفس الوقت هي ارتفاعات في تكاليف أموال البنوك والتي تعتبر مكون أساسي ينعكس في تسعير مختلف أنواع التسهيلات الائتمانية التي تقدمها البنوك للعملاء من أفراد وشركات صغيرة ومتوسطة وشركات كبيرة. لذا، ونظرا لان الارتفاعات على أسعار الفوائد على الودائع لم تكن كبيرة فأننا نفترض أن لا تكون الارتفاعات على مختلف انواع القروض كبيرة أيضا حتى هذه الفترة. فماذا تقول البيانات؟!
- عكست الارتفاعات التي حصلت في أسعار الفائدة السوقية على أسعار الفائدة على القروض والسلف والجاري مدين وأفضل العملاء والكمبيالات والاسناد المخصومة خلال الفترة آذار 2022 و آذار 2023 ، بشكل جزئي ولكن بشكل أكبر من تلك التي على الودائع، وتراوحت ما بين حوالي ثلث (35.3%) الى نصف تقريبا (45.2%) الارتفاعات التي حصلت على أسعار الفائدة الرسمية على أدوات السياسة النقدية. فقد أظهرت اتجاهات منحنيات أسعار الفائدة على التسهيلات الائتمانية ارتفاعات متباينة، حيث أظهر منحنى سعر الفائدة لأفضل العملاء أكبر الارتفاعات، وذلك من 8.37% في شهر شباط 2022 الى 11.09% في شهر آذار 2023، أي بارتفاع مقداره 272 نقطة أساس، وهذه الزيادة تشكل 61.1% من الزيادة التي حصلت على سعر الفائدة الرئيسي للبنك المركزي كاحد أدوات السياسة النقدية.
- أما أسعار الفائدة على القروض والسلف، فقد ارتفع متوسطها المرجح من 6.93% في شهر آذار 2022 الى 8.85% في شهر شباط 2023 او مقداره 192 نقطة أساس، وهذه تعادل 45.2% من مجمل الزيادة في أسعار الفائدة الرسمية. وهذه النتيجة تؤكد نتائج دراسات سابقة أشارت الى أن أسعار الفوائد على القروض والسلف لا تستجيب مباشرة للتغير في أسعار الفائدة على أدوات السياسة النقدية، كما أن امتصاصها للتغير في أسعار فائدة السياسة النقدية تكون على فترات طويلة قد تمتد إلى سنة تقريباً، حيث يرتفع الارتباط بين الفائدة على القروض والسلف وفائدة نافذة الإيداع من 27.2% في نفس الربع إلى 63.7% بعد أربعة أرباع. وهذا يعني أن الاستجابة المباشرة تتم بشكل جزئي ولا تعكس كامل التغير في أسعار أدوات السياسة النقدية، ولكنها تتزايد لتعكس أكثر من ثلثي التغير في أسعار الفائدة على أدوات السياسة النقدية بعد فترة تصل إلى سنة تقريباً.
- السؤال الذي يطرح ويحتاج الى اجابة هو ، “هل سيلمس المقترض زيادات بنفس النسب على أقساط قرضه؟”. في الواقع، ليس بالضرورة أن يلمس كل المقترضين زيادة على مبالغ اقساط قروضهم وذلك للاسباب التالية:-
(أ) أن غالبية قروض الافراد (63%) المقدمة من البنوك والتي تشكل حوالي 30 الى 35 بالمائة من اجمالي التسهيلات الائتمانية المقدمة من البنوك تحمل أسعار فائدة ثابتة ولا تتأثر بالتغيرات الحاصلة في أسعار الفائدة الرسمية.
(ب) طلب البنك المركزي من البنوك تثبيت قيمة قسط القرض الا اذا لم يرغب المقترض، وذلك للتخفيف من أعباء رفع أسعار الفائدة وذلك عن طريق تمديد فترة السداد وغيرها من الآليات.
(ج) وجود برامج اعادة التمويل للمشاريع الحيوية وبرامج دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة والمهنيين والحرفيين بأسعار فائدة مخفضة لا تتجاوز 2% وهذه لن تتأثر بالتغيرات في أسعار الفائدة الرسمية حتى نهاية شهر أيلول 2022 في حالة المشاريع الصغيرة ولفترة أطول للمشاريع الحيوية.
(د) أن الدراسات التي أجريت سابقاً بينت أن أسعار الفوائد على القروض والسلف تستجيب للتغير في أسعار الفائدة على أدوات السياسة النقدية بعد فتراتٍ طويلة قد تمتد إلى سنة تقريباً، حيث تكون الاستجابة جزئية في البداية ولكنها تتزايد لتعكس أكثر من ثلثي التغير في أسعار الفائدة على أدوات السياسة النقدية بعد فترة تصل إلى سنة.
- تشير البيانات الى نمو الودائع خلال عام 2022 بنسبة 5.0% مقارنة مع نهاية 2021 وقد يكون هذا مؤشراً على تأثير رفع أسعار الفائدة خلال هذه الفترة. وهو ما يتفق مع ما تنص عليه الأدبيات والنظريات المالية والتي تؤكد وجود علاقة إيجابية بين أسعار الفائدة وبين نمو الودائع. فقد بينت النتائج بأن معدلات النمو في الودائع (وخاصة الودائع لأجل) تتأثر إيجابياً بأسعار الفائدة السوقية (الفائدة على الودائع لأجل)، وكان أكبر تأثير للتحرك في أسعار الفائدة يتحقق في نفس الربع، وهو ما يعكس الاستجابة السريعة نسبياً للودائع لأجل للتغير في أسعار الفائدة، ثم يبدأ الأثر بالتراجع بمرور الوقت.
- وبالرغم من ارتفاع متوسط أسعار الفائدة المرجح لمختلف أنواع القروض خلال عام 2022، يلاحظ نمو التسهيلات الائتمانية بنسبة جيدة وصلت الى 8.5% خلال نفس الفترة مقارنة مع معدلات وصلت الى 4.9% و 5.5% خلال السنتين 2021 و 2020 على التوالي. وهذه النتيجة تتعارض مع نتائج الدراسات السابقة والادبيات الاقتصادية. فعادة هناك علاقة عكسية بين أسعار الفائدة على القروض والسلف وبين النمو في إجمالي التسهيلات الائتمانية والنمو في التسهيلات الممنوحة للقطاع الخاص. وقد يكون التفسير في نمو التسهيلات الائتمانية هو أن مستويات الفائدة على القروص لا تزال مقبولة وأن الطلب على الائتمان لا يتحدد بسعر الفائدة فقط علاوة على وجود برامج مدعومة من البنك المركزي كما ذكرنا اعلاه.
14- تظهر بيانات بورصة عمان ان الاتجاه العام لمنحنيات الارقام القياسية لأسعار الاسهم هو الأرتفاع وخاصة في الفترة التي بدأ فيها البنك المركزي برفع أسعار فائدة السياسة النقدية، وتخللها تذبذبات متنوعة مما دحض التوقعات بوجود علاقة عكسية بين أسعار الفائدة وأسعار الاسهم، وماثلت هذه الاتجاهات سلوك سوق الاسهم في الولايات المتحدة الاميركية في فترات مختلفة. فعلى سبيل المثال، عندما رفع البنك المركزي الاردني أسعار الفائدة على أدوات السياسة النقدية بتاريخ 20 آذار 2022، شهد الرقم القياسي العام لاسعار الاسهم لبورصة عمان ارتفاعا متواصلا لمدة أربعة أيام، ولمدة يومين عندما رفع الفائدة بتاريخ 5 أيار 2022. بالمقابل، انخفض الرقم القياسي العام لاسعار الاسهم على مدى يومين عندما رفع البنك المركزي أسعار الفائدة بتاريخ 9 حزيران 2022 وانخفض على مدى ثلاثة أيام عندما رفع البنك المركزي أسعار الفائدة بتاريخ 31 تموز 2022. وتجدر الاشارة إلى أن بورصة عمان كانت من أفضل ثلاث بورصات عربية رئيسية من حيث أداء المؤشر العام خلال العام 2022، حيث سجل الرقم القياسي العام لأسعار الأسهم المرجح بالأسهم الحرة ASE100 للبورصة ارتفاعاً وصل إلى 2501.6 نقطة في نهاية العام 2022 مقارنة مع 2118.6 نقطة نهاية العام 2021، أي بارتفاع نسبته 18.1 %، مسجلا أعلى مستوياته منذ العام 2009، وبذلك يكون المؤشر العام حقق خلال العامين 2022 و2021 مكاسب سنوية هي الأعلى منذ خمسة عشر عاماً.
15- تظهر بيانات دائرة الاحصاءات العامة أن معدلات التضخم بدأت بالارتفاع بشكل ملموس في الاردن اعتبارا من شهر آذار 2022 وهو الشهر الذي بدأ البنك المركزي فيه برفع أسعار الفائدة. وهذا يشير الى تأخر وصول التضخم المستورد للأردن. وقد يعزى ذلك لسبب وجود مخزون سلع مسعرة بالاسعار القديمة من ناحية، ومن ناحية ثانية يظهر عدم عكس الارتفاعات التي حصلت على اسعار النفط العالمية على اسعار المشتقات النفطية لعدة شهور بقرار من الحكومة. وما أن بدات الحكومة بعكس الارتفاعات على أسعار المشتقات النفطية بدأت معدلات التضخم بالارتفاع. ويتوقع ان تنخفض معدلات التضخم من 4.2% في عام 2022 الة 3.8% عام 2023 استجابة للسياسات التي اتبعها البنك المركزي والرقابة المتشددة على الاسعار من قبل وزارة الصناعة والتجارة والتموين. وهذا مؤشر للقدرة على السيطرة على معدلات التضخم وابقائها عند مستويات مقبولة مقارنة مع مستوياتها العالمية.
16- أما فيما يتعلق بمعدلات النمو الاقتصادي والبطالة التي قد تتأثر برفع أسعار الفائدة فهاك أدوات متنوعة يمكن اللجؤ لها لتحفيز النمو الذي يخلق فرص عمل ومنها زيادة انتاجية عوامل الانتاج وزيادة دور القطاع الخاص ومشاريع الشراكة في ظل انحسار دور الانفاق الحكومي في التنمية وتشجيع الاستثمارات العربية والاجنبية وتوسيع الاستثمارات القائمة وتخفيض معدلات البطالة وتخفيض كلف الانتاج وتوسيع دور القطاعات ذات القيمة المضافة وزيادة تعقيد الاقتصاد.