دروس مستفادة من تغطية غرف الأخبار لوفاة الملكة إليزابيث الثانية

اتجهت أنظار العالم صوب متابعة المستجدات الخاصة بوفاة “الملكة إليزابيث الثانية”، أطول ملوك بريطانيا جلوسًا على العرش، والتي رحلت عن عالمنا في 8 سبتمبر/أيلول بقلعة بالمورال باسكتلندا، عن عمر ناهز الـ96 عامًا بعد سبعين سنة في الحكم. وقد تبارت وسائل الإعلام العربية والأجنبية في التغطية اللحظية والتحليلية لحالة الحزن التي خيمت على المملكة المتحدة، من خلال توظيف كافة عناصر وأساليب السرد القصصي في الموضوعات التي تنوعت قوالبها الفنية ووسائطها المتعددة ما بين النصوص الصحفية، والصور الأرشيفية، ورسوم الإنفوجرافيك المعلوماتية، والفيديوهات القصيرة، والبث المباشر للحدث. 

وفي هذا المقال، تصحبكم “شبكة الصحفيين الدوليين” في جولة مع أهم أدوات وعناصر التغطية الصحفية التي قامت بها الكثير من غرف الأخبار لتوثيق مراحل حياة الملكة من “الطفولة إلى اعتلاء عرش بريطانيا”. 

أهم الاستعدادات التي ينبغي عليك اتباعها عند حضور جنازة الملكة “إليزابيث الثانية”  

أشار الموقع الإلكتروني الرسمي للمملكة المتحدة إلى جملة من الاستعدادات التي ينبغي عليك اتباعها أثناء حضور جنازة الملكة “إليزابيث الثانية” بقصر “ويستمنستر”، وتنطبق هذه الشروط على الصحفيين والمراسلين الذين سيتواجدون لتغطية الحدث، وهي:  

-اتباع السياسات الخاصة بحمل الحقائب: يسمح  لكل شخص بحمل حقيبة واحدة صغيرة الحجم في قصر “ويستمنستر”، والتي يكون لها مكان بسيط ومحدد للفتح حتى يستطيع الشخص أن يمرّ بسلام من نقاط التفتيش الأمني، وللحصول على مزيد من المعلومات بخصوص هذا الشأن يمكنك النقر. 

-ارتداء ملابس ملائمة للحدث ولظروف الطقس، ويجب عدم ارتداء ملابس تحمل أي شعارات مسيئة أو سياسية. 

-يمكن أخذ المأكولات والمشروبات التي تحتاجها لأنّ هناك أماكن محدودة لشرائها عندما تكون واقفًا لانتظار دخولك إلى قصر “ويستمنستر”، ويجب أن تنتهي من تناول جميع الأطعمة قبل دخولك نقطة التفتيش الأمني في قصر “ويستمنستر”، ويجب أن تقوم بإفراغ محتويات زجاجات المياه الشفافة من محتوياتها قبل توجهك إلى تلك النقطة. 

-احضر معك “شاحنًا متنقلًا Power bank charger” لهاتفك المحمول، تحسبًا لوقوفك لفترة طويلة.  

-المعدات والأدوية: اشرح لموظفي الأمن أو ضباط الشرطة الموجودين في نقاط التفتيش نوعية المعدات الموجودة في حقيبتك. 

-اضبط هاتفك النقال على الوضع الصامت أو اغلقه قبل دخولك إلى نقطة التفتيش الأمني.  

مقالات افتتاحية وعناوين أبرزت محطات مهمة في حياة الملكة الراحلة 

نشر موقع “بي بي سي” موضوعًا عمّا أوردته الصحف البريطانية في مقالاتها الافتتاحية باليوم الأول لاعتلاء الملك تشارلز الثالث عرش بريطانيا بعد وفاة والدته. وقد جاءت الصفحة الأولى لصحيفة “الجارديان” بصورة للملك الجديد وقد بدت عليه ملامح الحزن. أما صحيفة “دايلي ميل”، فاختارت لقطة مقرّبة تتلألأ الدموع فيها في عيني الملك الجديد. 

وبالنسبة للعناوين الصحفية، فقد انفردت صحيفة “الشرق الأوسط اللندنية” بمانشيت مميز لقي صدى واسعًا لدى بعض الصحفيين العرب وهو: الملكة تغادر.. إلى التاريخ، حيث قام كثيرون بمشاركته عبر حساباتهم في فيسبوك. 

 من جهتها، اختارت مواقع إلكترونية قامت بتغطية وفاة الملكة عناوين جذابة لموضوعاتها، تمحورت حول: “محطات مهمة في حياة الملكة إليزابيث الثانية”، و”معلومات غريبة عن الملكة إليزابيث الثانية”، و”شجرة العائلة البريطانية”، و”قصة حب وزواج الملكة بالأمير فيليب”، و”مراسم وداع جثمان الملكة إليزابيث الثانية وترتيبات جنازتها”، و”أول خطاب للملك تشارلز الثالث بعد توليه عرش بريطانيا”، وغيرها من الموضوعات.    

وهناك عدد لا بأس به من الموضوعات التي ألقت الضوء على البعد الإنساني للملكة “إليزابيث الثانية”: مثل: “أسرار طريفة من حياة الملكة إليزابيث..كانت تحرص على إطعام كلابها بنفسها”، و”هاري يشيد بـ”النعمة الأبدية” و”الابتسامة المعدية” للملكة إليزابيث”، و”6 نماذج مصرية تحظى بـتكريم ملكي من الملكة إليزابيث”، و”بعد عام من الانتظار.. أخيرًا الملك فليب والملكة إليزابيث داخل مقبرة واحدة”.

صور تذكارية توثق محطات مهمة في حياة الملكة “إليزابيث الثانية” 

اتسمت التغطية الصحفية لموقع “بي بي سي” بنشر مجموعة متنوعة من الصور التي تحكي قصة حياة الملكة “اليزابيث الثانية” بعنوان “الملكة إليزابيث الثانية: حياة في صور”، حيث يجد القارئ ألبومًا متنوعًا من الصور التذكارية التي تؤرخ لمحطات مهمة في حياة الملكة عبر تنقله من صورة إلى أخرى، حيث يوجد تعليق موجز أسفل كل صورة في حوالي سطرين ليحكي لنا المناسبة التي التقطت فيها الصورة ودلالاتها منذ أن كانت الملكة طفلة رضيعة، ليختتم ألبوم الصور بصورة للملكة بخلفية سوداء. 

رسوم الإنفوجرافيك  

تنوعت رسوم الإنفوجرافيك التي أثرت التغطية الصحفية لوفاة الملكة “إليزابيث الثانية”، فقد نشر موقع “بي بي سي” رسم إنفوجرافيك يوضح شجرة العائلة البريطانية وتسلسل وراثة العرش، ونشر موقع صحيفة الشرق الأوسط اللندنية إنفوجرافيك معلوماتيًا يوضح مراسم تشييع جنازة الملكة “إليزابيث الثانية”،

وبحال أراد أحد الصحفيين تصميم “إنفوجرافيك معلوماتي”، يمكنه اختيار أحد المواقع الإلكترونية المتخصصة في تصميم الإنفوجرافيك، وهناك عدة مواقع متخصصة تساعد في ذلك بشكل مجاني، ومنها: موقع Canva، وPiktochart، وVisme، ويمكن اختيار قالب من مجموعة الأنماط الشهيرة في تصميم الإنفوجرافيك، وسيساعدك مقال “أمثلة تطبيقية لأهم طرق توظيف الإنفوجرافيك بالصحف والمواقع الإلكترونية” في تعريفك بالخطوات الأساسية لتنفيذ الإنفوجرافيك. 

الفيديوجراف 

اعتمد موقع “بي بي سي” على “الفيديوجراف” لتلخيص المعلومات المهمة لجمهور المستخدمين، فهناك فيديو يقدم معلومات مهمة عن “ملك بريطانيا الجديد”، وآخر يوضح “محطات الملكة في الشرق الأوسط”. 

خطوات بسيطة لإعداد الفيديوجراف 

  • قم بجمع المعلومات من مصادر موثوقة. 
  • يفضل ألا تتجاوز مدة الفيديوجراف عن دقيقتين حتى لا يملّ المستخدم، وهو النمط المتبع من قبل الكثير من المؤسسات الإعلامية. 
  • تأكد من جودة الصور المستخدمة في الفيديو. 
  • اكتب معلومات مُلخصة ومُوجزة حتى لا يملّ المستخدم. 
  • ضع شعار مؤسستك الصحفية في الفيديو الذي تنتجه. 
  • تجنب وضع معلومات مكررة يعرفها القارئ في الفيديوجراف. 

وهناك الكثير من الأدوات التي تساعدك لعمل فيديوجراف مثل موقعَي “Animaker” و”Powtoon”، ويمكنك أيضًا عمل الفيديو من خلال برنامج “الأفترإفكت” إذا كنت تجيد العمل عليه. 

من ناحية أخرى، لفت يوسف عمر مؤسس Hashtag our Stories النظر بطريقة اعتمدها لإشراك جمهوره عبر دعوتهم لكتابة تعليقات في عدة موضوعات طرحها عقب وفاة الملكة إليزابيث وذلك في فيديو قصير على صفحته على موقع تويتر مثل: “شاركنا بآرائك حول وفاة الملكة إليزابيث الثانية”، و”ماذا ستفعل لو أصبحت ملكاً ليوم واحد؟”. 

المعلومات المضللة 

شابت التغطية الصحفية لوفاة الملكة بعض الأخبار المضللة؛ فيقول د.ياسر عبد العزيز، مدير مكتب صحيفة “الشرق الأوسط” اللندنية في القاهرة: “من خلال متابعتي للحدث، لاحظت عدم التزام بعض الوسائل الإعلامية بمعايير الدقة والموضوعية في تغطية وفاة الملكة (إليزابيث الثانية)، فقد نُشرت بعض الأخبار المضللة عن الملكية البريطانية على وسائل التواصل الاجتماعي”. وندلل على ذلك بالموضوع الذي ذكرته صحيفة “واشنطن بوست، حيث قامت الصحفية في “بي بي سي” يلدا حكيم” بنشر تغريدة في الساعة 3:07 مساءً بتوقيت لندن مفادها “خبر عاجل: قصر باكنجهام يعلن وفاة الملكة إليزابيث عن عمر ناهر الـ96 عامًا”، ولكنها قامت بحذف التغريدة في الساعة 3:19 مساءً بتوقيت لندن وأعلنت أنها غير صحيحة. وقد أشارت “واشنطن بوست” إلى أنّ هناك الكثير من الحسابات المزيفة على “تويتر” والتي أشارت إلى وفاة الملكة قبل الإعلان الرسمي لذلك، وفي عام 2016 أعلن حساب مزيف لمؤسسة “بي بي سي” على تويتر “وفاة الملكة إليزابيث”، وقد تم حظر الحساب. 

وبسؤاله حول المعايير المهنية للتغطية العاجلة داخل غرف الأخبار، يقول عبد العزيز: “اتسع نطاق التغطية الإخبارية لوفاة الملكة التي قامت بها الصحيفة، وذلك من خلال مكاتبها المنتشرة في عدد من الدول، حيث قام المراسلون برصد ردود فعل البريطانيين على وفاة الملكة من خلال الصحيفة الورقية والمنصة الإلكترونية، بالإضافة إلى التغطية اللحظية لكل ما جرى بخصوص هذا الأمر في قلب أفريقيا أو أميركا اللاتينية أو في الدول الواقعة تحت سيادة التاج البريطاني أو في آسيا وأوروبا أو في قارات أخرى، وقد استغلت الصحيفة قدرات البحث والأرشفة لمراسليها في تقديم لوحة بانورامية عن تاريخ الملكة إليزابيث الثانية، وتاريخ الملكية في بريطانيا”.  

ويضيف عبد العزيز قائلاً: “التزمت مؤسسة بي بي سي بتطبيق المعايير المهنية التي وضعتها لنفسها، واستطاعت أن تنقل الحدث بشكل موضوعي وأعطت الحدث المساحات التحريرية المتناسبة مع أهميته في مقابل أحداث أخرى يعرفها العالم، مشيرًا إلى أنه راضٍ إلى حد كبير عن التغطية الصحفية التي قامت بها الكثير من الوسائل الإعلامية سواء التقليدية أو الجديدة لوفاة الملكة إليزابيث الثانية، حيث أعطت القصة ما تستحقه من اهتمام، وقد شهدنا تنوعًا وتنافسًا كبيرًا في التغطية الصحفية من قبل الوسائط الإعلامية المختلفة”. 

واختتم عبد العزيز حديثه بأهم الإرشادات التحريرية التي ينبغي أن يلتزم بها الصحفيون ليكونوا على استعداد دائم لتغطية الأحداث العاجلة بدقة، وموضوعية، وتوازن وذلك على النحو التالي:  

-تطبيق قيمة الإيجاز في التعبير من خلال “اختيار الكلمات الدقيقة الصحيحة”، و”تجنب التكرار اللامجدي”، و”اختيار الكلمات المركزة”، و”التنظيم الملائم للسياق العام للنص الخبري”.  

-الوضوح من خلال استخدام اللغة السهلة المباشرة، واستخدام جمل قصيرة ذات دلالة، متناغمة ومنسجمة مع بعضها البعض.  

-اللاذاتية: لا يجب أن تظهر الذات الموضوعية للصحفي عند تحريره للأخبار بمعنى عدم ظهور مواقفه أو انحيازاته أو معجمه (لغته الخاصة) في التقارير الإخبارية التي يحررها.  

-الدقة: هي تفادي الأخطاء بأنواعها المختلفة، المعلوماتية، والموضوعية، والطباعية، والنحوية، واللغوية، وهناك آليات لتحري الدقة مثل: التركيز على الحقائق وتفادي الفبركة والاختلاق، ونسب الآراء والتصريحات والمعلومات لمصادر واضحة مُعرفة تعريفًا صحيحًا، وذكر أسماء العلم، والمعلومات، والأرقام، والحقائق على نحو صحيح، ومراجعة المعلومات التي تم الحصول عليها. 

-الحياد: الحياد في العمل الإخباري هو وقوف الصحفي/ الوسيلة على مسافة متساوية من جميع أطراف القصة/الحدث، مع إتاحة الفرص المناسبة لتلك الأطراف أو من يمثلها للتعبير عن مواقفها بدون التورط بتأييد أو معارضة أي من تلك المواقف.  

-التوازن: هو أن يُتيح الصحفي الأوزان النسبية للأطراف المنخرطة في الأحداث محل التغطية بشكل عادل في المادة الخبرية.  

-الاستيفاء: يتعلق معيار الاستيفاء بعدد من عناصر عملية التغطية منها ما يلي:  

  • استيفاء تغطية القصص التي تقع في إطار اهتمام الجمهور وتخصص الوسيلة المحدد سلفًا، وعدم تجاهل قصص ما لأخطاء مهنية أو للسهو، أو لعدم توافقها مع انحياز الوسيلة أو الصحفي.  
  • استيفاء الأطراف المعنية بالتغطية، وإيراد حججها بشكل عادل، وعدم تجاهل طرف من الأطراف.  

-إيراد الخلفية والسياق في التغطية الخبرية: الخلفية هي تطورات الحدث الرئيسية في القصة الرئيسية، أما السياق؛ فهو ما يجري بموازاة الحدث الرئيس في التغطية الخبرية، ويتبادل التأثير معه، ويجب عدم الإفراط في عرض الخلفية أو السياق، واستخدامهما عند الحد الذي يحقق فائدة التوضيح، ولا يضر بقاعدة الإيجاز.  

-التنصل: هو أن ينأى الصحفي بنفسه عن آراء الأطراف المنخرطة في التغطية أو مواقفها، ويمكنك تطبيق قيمة “التنصل” من خلال استخدام عبارات من نوع “على حد قوله”، أو “وفق ما قال”، أو “بحسب فلان”، واستخدام المزدوجين في الاقتباس.  

Comments (0)
Add Comment