واجه الإعلام البيئي في العالم العربي تحديًا كبيرًا في ضوء التغير المناخي، وتزداد المسؤوليات المتمثلة بخلق توعية حقيقية قبل مؤتمر المناخ “COP27” الذي سيُعقد هذا العام في مدينة شرم الشيخ المصرية.
وفي وقت تفيد فيه الأمم المتحدة أنّ الناس يعانون من تغير المناخ بطرق شتّى، بما في ذلك الصحة والقدرة على زراعة الأغذية والسكن والسلامة والعمل، إضافة إلى الجفاف، ومخاطر تعرض الناس للمجاعة في المستقبل، فإنّ ثمة سؤال مُلح يطرح نفسه حول تجربة الإعلام البيئي العربي كأداة للتغيير تجاه الحد من مخاطر التغير المناخي.
صحيحٌ أنّ الإعلام البيئي لا يملك عصا سحرية لمواجهة الأنشطة البشرية التي تلحق أضرارًا بالبيئة، ولكنه على الأقل يشكل أداة تغيير في سبيل تحسين فرص الحياة. انطلاقاً من هنا، تسهم مجلة “أوراق بيئية” الفلسطينية في رفع مستوى الوعي البيئي والتنموي العلمي والعملي، لدى القراء والباحثين والناشطين البيئيين، وصانعي القرار، وغيرهم.
أما في الأردن، فمن الواضح أنّ تجربة الإعلام البيئي تجاوزت حدود التوعية النظرية. زينة حمدان المديرة التنفيذية لمؤسسة “أوراق” الأردنية غير الربحية الهادفة لتنمية المجتمع، قالت إنّ “الإعلام البيئي يعتبر واحدًا من البرامج التي تقوم المؤسسة برعايتها، ويهدف هذا البرنامج إلى إيجاد محتوى إعلام بيئي باللغة العربية، يرفع الوعي المجتمعي تجاه القضايا العالمية الملحة في مجال المياه والبيئة والطاقة والصحة والتغيير المناخي، والانحباس الحراري، والطاقة البديلة، والاقتصاد الأخضر وغير ذلك.
وبوجه خاص، عملت “أوراق” – وفقاً لما قالته حمدان لشبكة الصحفيين الدوليين- على تمكين النساء في مجال الإعلام البيئي، ومساعدتهن على إنشاء مشاريع صغيرة كتشغيلهن في إنتاج أكياس بيئية متعددة الاستخدام بدل الأكياس البلاستيكية، التي قد تشكل ضرراً على البيئة.
[إقرأوا المزيد: “حلم أخضر” تجربة يمنية مميزة في صحافة البيئة]
بالإضافة إلى ذلك، تشير حمدان إلى أنّ مؤسستها، استطاعت تعزيز الوعي البيئي من خلال إعداد برنامج إذاعي مختص بالقضايا البيئية، يبث عبر الإذاعات المحلية الأردنية وهو الأول من نوعه في الأردن، الأمر الذي ساهم في تعزيز التوجه نحو تغطية القضايا البيئية في الإعلام الأردني. وأوضحت أنّ الهدف من البرنامج يتمثّل بإيجاد محتوى بيئي باللغة العربية، يمكن أن يرفع الوعي المجتمعي تجاه القضايا العالمية الملحة في مجال المياه والبيئة والطاقة والصحة ومدى تأثير تغير المناخ على سكان المجتمعات المهمشة.
في المقابل، لا تزال الأخبار السياسية مستحوذةً على الحيز الأوسع في التغطية الإعلامية في العراق، سواء عبر المنصات الإعلامية التقليدية أو حتى عبر السوشيال ميديا، وفق ما قالته سهى عودة، وهي صحفية عراقية وباحثة ورئيسة مؤسسة صوت النساء، في حديثها لشبكة الصحفيين الدوليين. وأضافت: “يتم تناول المواضيع البيئية على شكل نشرات إخبارية أو تقارير سريعة في العراق”.
وأفادت الصحفية عودة التي تعمل منذ عامين على الإشراف على إنتاج وكتابة تحقيقات صحفية خاصة بالتغير المناخي والبيئي، مع مؤسسة كانديد، أنّ العراق يعاني تراجعًا كبيرًا على المستوى البيئي، ويتجلى ذلك في صورة شح الموارد البيئية وانخفاض منسوب الأنهار وجفاف بعض المناطق، وحصول التلوث.
وعن سؤالها حول قوالب المعالجة الإعلامية الأكثر تأثيرًا في مجال دعم البيئة، قالت الصحفية العراقية إنّ التحقيقات الاستقصائية مهمة، وإذا أنتجت بمهنية عالية تصنع تأثيراً، فالاستقصاء يشكّل جزءًا لا يتجزأ من معالجة القضايا البيئية، مضيفةً أنّ “التقارير التلفزيونية تحفز أكثر عندما تنشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لأنّ انتشارها يحقق ضغطًا أكثر على المسؤولين، وبالتالي جدوى الاستجابة يصبح أسرع وأقوى”.
[إقرأوا المزيد: للصحفيين المهتمين بالبيئة.. أفلام عن الكوكب عليكم مشاهدتها]
وشدّدت عودة على أهمية تعزيز مهارات الصحفيين العراقيين في مجال الإعلام البيئي، ملقية هذه المهمة على عاتق المؤسسات التي تعمل على تطوير الإعلام العراقي، معتبرةً أنّها “دائمًا تتجه نحو السلامة المهنية وكتابة التقارير والتحقيقات والقضايا الإنسانية والانتخابات، لكن لا يوجد اهتمام كافٍ بتطوير الخبرات في مجال معالجة قضايا البيئة، لا سيما في ظل الأزمة المناخية التي يعيشها العراق”، حسبما قالت.
بناءً على ما تقدم، نضع بين أيديكم مجموعة من الإرشادات للمؤسسات الإعلامية الراغبة بتقديم محتوى بيئي:
· التجديد في طرح محتوى له طابع بيئي تفاعلي على منصات التواصل الاجتماعي.
· تفكيك عقدة المواد البيئية التي تتسم دائماً بالتعقيد والجمود، والميل لاستخدام قوالب بسيطة تستحوذ على اهتمام الجمهور.
· الاهتمام بإنتاج التحقيقات الاستقصائية حول الانتهاكات التي تتعرض لها البيئة في المنطقة العربية.
· تدريب المزيد من الكوادر الإعلامية على إنتاج قضايا بيئية تساعد في تعزيز فرص التنمية، في مختلف المجالات (البودكاست – الفيديو- الصحافة الإلكترونية – المطبوعة.. إلخ).
· المساعدة في خلق مساحة أوسع لتفاعل الجمهور مع القضايا البيئية، كطرح استطلاعات رأي للتعرف على اتجاهات الجمهور المتعلقة بقضايا البيئة ومدى وعيهم للمخاطر البيئية القائمة.
كما أننا نضع بين أيديكم مجموعة من الموارد والمراجع التي يمكن الاعتماد عليها للمساعدة في تطوير المعالجة الإعلامية المتعلقة بالبيئة:
بريد المناخ: دليل مهم لصحفيي المناخ أطلقته الوكالة الفرنسية للتعاون الإعلامي (CFI) بالشراكة مع شبكة أريج.
العمل المناخي: منصة تابعة للأمم المتحدة تضمّ مكتبة رقمية وبيانات مهمة للتثقيف المناخي.
برنامج الأمم المتحدة للبيئة: منصة مليئة بالموارد والمعلومات الهامة المتعلقة بأزمة تغير المناخ.
المركز العربي لسياسات تغيّر المناخ “الإسكوا“: توفر المنصة موارد مهمة حول قضايا مرتبطة بتغير المناخ مثل المياه والاستدامة في المنطقة العربية.
الاتفاقيات الدولية الخاصة بتغير المناخ: يمكنك الاطلاع هنا على ملفات باللغة العربية لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ، واتفاق كيوتو، واتفاقية باريس.
المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO): وكالة متخصصة تابعة للأمم المتحدة، للتعاون والتنسيق الدوليين بشأن حالة الغلاف الجوي للأرض إضافةً إلى المحيطات والطقس والمناخ، وما ينتج عن ذلك من توزيع للموارد المائية. توفر المنظمة موارد وأبحاثًا مهمة لمتتبعي المناخ.
غرينبيس الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: منظمة غير ربحية توفر محتوى جيدًا من مقالات وتقارير وفيديوهات لفهم أزمة المناخ وتطوراتها.
الصورة الرئيسية حاصلة على رخصة الاستخدام على أنسبلاش بواسطة توم بالتر.